*دولة القانون.. الأرض المحروقة [1].. بقلم.. عبد العظيم حسن المحامي
*حرب السودان* التي شنتها قوات الدعم السريع أوضح نماذج الحروب بالوكالة في العصر الحديث. محمد حمدان دقلو الشهير بحميدتي، وفي آخر ظهور علني له، قطع الشك بأن الخلافات الناشئة عن الاتفاق الإطاري هي التي أدت للحرب. أي أن حميدتي انخرط في الحرب أستجابة لرغبات أطراف محلية وإقليمية ودولية غررت به وحرضته على خطوة كان الهدف منها تمكينه وبالمرة القضاء على غريمه البرهان.
*المتتبع* للمراحل التي مرت بها هذه الحرب يلاحظ أن حواضنها السياسية والإعلامية لم تدخر وسعاً في حشد كافة أنواع الدعم للمليشيا. سلوك الداعمين تفاعل مع أهداف الحرب متدرجاً مع تقلباتها ابتداءً من الترويج لحتميتها مروراً بكونها حرب جنرالات لا تعني السودانيين انتهاءً بالدعم الصريح سواء على الأرض أو وسائل التواصل الاجتماعي. كوادرهم بعضها شرح بالانخراط صدراً مقاتلاً في صفوف المليشيا. أقل الداعمين دوراً اتخذ موقف المنظر والمروج للفديوهات والمقاطع المرجفة في المدينة. رغماً عن فشل الانقلاب وتحول آلة حرب المليشيا لأجساد وأموال المواطنين وما تطلب ذلك من تغيير في السلوك والأدبيات إلا أن الرابط ظل في استمساكهم جميعاً بالرغبات الإقليمية والدولية ولو على حساب الأجندة الوطنية. إعلان حميدتي – حمدوك الموقع بأديس أبابا كشف أن المرحلة الثالثة تمثلت في المساومة بالخروج من الأعيان المدنية وبيوت المواطنين مقابل الاعتراف بالمكاسب التي حققتها المليشيا.
*لولا جسارة* الجندي السوداني وقوة النسيج الاجتماعي لكان الوطن في خبر كان. الهشاشة التي لازمت القوات النظامية وما تزامن معها من انقسام وسط المهنيين والسياسيين ما هي إلا انعكاس لحالة الضعف المهني والمؤسسي على المستويين الرسمي والشعبي. مليشيا الجنجويد، وبعد أن أدركت سقوطها لسلوكها الإرهابي وما سيترتب على ذلك من إحراج للممولين الإقليميين والدوليين، ما كان من قائدها إلا أن خرج منتحراً ومطلقاً الخطة باء.
*ما يجري* بقرى وحواضر الجزيرة ما هي إلا ملامح خطة الأرض المحروقة التي اعتمدها حميدتي. وكما هو معلوم أن الأرض المحروقة خطة مؤداها: “*علي وعلى أعدائي*”. فبعد أن أكملت قواته عمليات القتل والتهجير والنهب والاغتصاب بمدن الخرطوم ومدني وسنجة والدندر والسوكي وتمبول والهلالية، بات المطلوب من هذه القوات وهي منسحبة غرباً أن تشيع الذعر في أوسع نطاق بقرى الجزيرة ومدن ولاية النيل الأبيض عبوراً لولايات كردفان وصولاً لحواضنها الاجتماعية بولايات دارفور. لتستمر حروب السودان لن يستحي الداعمون من توفير السلاح لتفرخ المليشيا حركات مسلحة لتنهب وتناور بإهلاك الحرث والنسل فتتنامي دعاوى التدخل الدولي متذرعة بحماية المدنيين مع بقاء الضغط لمفاوضتهم شأنهم شأن قيادات حركات الكفاح المسلح، ونواصل.