يعزز من قدراتها ويطيل أمد الحرب "الميليشيا..الإمداد هو كلمة السر"
خبير عسكري: الإمداد جعل الميليشيا قادرة على استعواض الخسائر التي تقع في القوات والذخائر..
خبراء بالأمم المتحدة: جنود من أفريقيا الوسطى شاركوا في الحرب مع الدعم السريع..
رؤية متخصصة بشأن سبل قطع خطوط الإمداد، وتحقيق الانتصار المبين على المتمردين..
مناوي استنفر مكونات قبلية لقطع خطوط إمداد ميليشيا الدعم السريع في الصحراء..
مطالبة باستكمال جهود كباشي مع دول ينطلق منها إمداد الجنجويد..
إسماعيل جبريل تيسو
تدخل الحرب التي أشعلت فتيلها ميليشيا الدعم السريع شهرها الخامس عشر دون أن يبدو في آخر النفق ضوءٌ يشير إلى قرب نهايتها، وعلى الرغم من الانتصارات المتلاحقة للقوات المسلحة والقوات المساندة لها في الخرطوم وبعض جبهات القتال الأخرى، إلا أن عناصر ميليشيا الدعم السريع مازالت تنتشر بكثافة كبيرة على مساحات واسعة لاسيما مع تمدد رقعة المعارك واحتدامها في نطاق شاسع خارج ولاية الخرطوم التي أطلقت فيها الميليشيا المتمردة الطلقة الأولى، وهو الأمر الذي يشير إلى استمرار تدفق الإمداد البشري واللوجستي لميليشيا الدعم السريع.
اتهام مباشر:
واتهم السودان كلاً من الإمارات وتشاد ويوغندا وأفريقيا الوسطى بمساندة قوات الدعم السريع، وكشف الفريق أول ركن ياسر العطا عضو مجلس السيادة الانتقالي مساعد القائد العام للقوات المسلحة معلومات تردهم من جهاز المخابرات العامة والاستخبارات العسكرية والدبلوماسية الخارجية تقول إن دولة الإمارات نقلت عبر الطائرات دعماً عسكرياً للجنجويد عبر مطار عنتيبي في أوغندا وأفريقيا الوسطى قبل بدء تفكيك جماعة فاغنر الروسية إضافة إلى مطار أم جرس في تشاد.
إمداد أفريقيا الوسطى:
وأكد خبراء في الأمم المتحدة أن قوات الدعم السريع تستخدم جمهورية أفريقيا الوسطى حضناً لخط إمداد يقوم على تنجيد مقاتلين في صفوفها، وأن “الجبهة الشعبية لنهضة جمهورية أفريقيا الوسطى” شاركت بالفعل في الحرب الدائرة في السودان، وحذر الخبراء الأمميون من تداعيات الحرب على دول الجوار، وأوضح تقرير لجنة الخبراء الذين كلفهم مجلس الأمن الدولي بمراقبة نظام العقوبات في جمهورية أفريقيا الوسطى، أن قوات الدعم السريع تستخدم منطقة أم دافوق على الجانب الآخر من الحدود مركزاً لوجستياً رئيسياً، وقالوا إن هذه القوات تتحرك بسهولة، عبر الحدود بفضل شبكة أنشئت منذ زمن طويل.
نداء مناوي:
وكان حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي قد استنفر مكونات قبلية للانخراط في معارك الفاشر ومحاولة قطع خطوط إمداد الدعم السريع في الصحراء، بعدما تقدمت القوة المشتركة وتوغلت في مناطق الزرق ووادي أمبار، حيث تعتبر الحدود الصحراوية السودانية-الليبية-التشادية مسرحاً مهماً للعمليات العسكرية لميليشيا الدعم السريع، إذ إن السيطرة عليها تعني السيطرة على خط إمداد الوقود المهرب من ليبيا والذي تعمل فيه شبكات من التجار الذين يتجارون في الوقود المهرب من ليبيا على طول الحدود، سواءً للاستخدام العسكري أم التجاري للشاحنات التي تحمل البضائع أم لتعزيز أنشطة التعدين، وقد ازدهرت هذه التجارة مع اندلاع الحرب في السودان خاصة في ظل سيطرة ميليشيا الدعم السريع على هذه المنطقة.
عامل أساسي:
ويقول نائب رئيس حزب التحرير والعدالة وزير التعاون الدولي الأسبق عثمان فضل واش إن العامل الأساسي في استمرار الحرب هو تدفق الإمداد البشري واللوجستي للدعم السريع، معتقداً أن حقيقة هذا الأمر ليست غائبة عن أجهزة الدولة المختلفة، واعتبر واش في حديثه للكرامة أن أجهزة الدولة المعنية بالأمن والدفاع في السودان مقيدة في أساليب اتخاذ القرار، مبيناً أن حرباً شاملة مثل التي يخوضها السودان تتطلب واجهات مرنة لتلافي عملية البطء في اتخاذ القرار.
استعواض الخسائر:
وفي ذات المنحى يؤكد الخبير العسكري مقدم ركن متقاعد علي ميرغني أن أهم عامل يعزز من قدرة الجنود على المواصلة والاستمرار في العمليات العسكرية والقتالية هو استعواض الخسائر التي تقع في القوات والذخائر، وتوفير خط إمداد فاعل، وقال في حديثه للكرامة إن هذه الفرضية تتوفر بصورة كافية لدى الدعم السريع، ولكن بخطوط إمداد طويلة تجعل من السهل تدميرها وقطعها.
ملاحظات داخلية:
ويُعدّد عثمان واش بعض الملاحظات التي قال إنها جعلت الدعم السريع يستفيد منها في عملية التجنيد والإمداد، من بينها عزلة الجيش وعدم تعاطيه الإيجابي مع القوى المدنية، إذ نادراً ما تستفيد أجهزة القوات المسلحة من المعلومات المتوفرة التي تردها من مواطنين بسطاء عن تحركات الدعم السريع في بعض المناطق الخلوية التي لا يصلها من البشر إلا الرعاة، منوهاً إلى سهولة الوصول إلى العدد المهول من الشباب العاطلين عن العمل والذين استقطبتهم ميليشيا الدعم السريع لصالحها، وتطرق واش إلى ما وصفها بالدبلوماسية المتشنجة في إدارة الأزمة والتي قال إنها مكّنت الدعم السريع من كسب بعض العناصر من دول الجوار وتجيشهم لصالح قواتها، حيث يرى أنه يفترض في الدبلوماسية أن تسعى إلى التعاون الإيجابي مع هذه الدول بدلاً من إرسال الاتهامات، مبيناً أن هذه الدول هشة وغير قادرة على ضبط حدودها ولا تملك إمكانيات لمنع هذه العناصر من الالتحاق بميليشيا الدعم السريع.
رؤية لقطع الإمداد:
ويرهن الخبير العسكري مقدم متقاعد علي ميرغني تحقيق الجيش للانتصار المرجو على ميليشيا الدعم السريع بقطع خطوط إمداده، مشدداً على ضرورة العمل خلف خطوط العدو وضرب قواعده وخطوط إمداده، وقال إن القوات الجوية تمتلك حالياً طائرات وقاذفات قادرة على القيام بهذه المهام، منوهاً على أهمية أن يرافق ذلك عمليات كثيفة من الاستطلاع الجوي والاستخباري الميداني لتمكين مخططي العمليات الجوية من وضع الخطط اللازمة لقطع إمداد العدو وتنفيذها، وأكد الخبير العسكري علي ميرغني ثقته في قدرة القوات المسلحة على التنفيذ، ما لم يكن للقيادة رؤيتها وتقديراتها باعتبارها ترى الصورة أفضل، بيد أنه ولتوضيح الواقع تطرق في حديثه إلى حادثة تدمير جسر شمبات بعد قرابة العام من اندلاع الحرب رغم أنه كان شريان إمداد الدعم السريع، في حين أن الدعم السريع دمر جسر الحلفايا حسب تقديراته بمجرد أن احتاج إلى قطع الطريق أمام أي تحرك متوقع للقوات المسلحة الموجودة في منطقة كرري نحو مدينة بحري الكبرى بعد سحب معظم قوات الميليشيا لفزع سنار وجبل موية.
خاتمة مهمة:
على كلٍّ تبدو الرؤية واضحة بضرورة أن تتصدى القوات المسلحة لخطوط الإمداد التي ما انفكت تُغذَّي شرايين ميليشيا الدعم السريع، وتزيد من عمر هذه الحرب، فانقطاع الإمداد العسكري واللوجستي سينعكس سلباً على الواقع الميداني لهذه الميليشيا مما يجبرها على التسليم أو الخروج من ميادين القتال، وعلى وزارة الخارجية أن تستكمل الجهود التي كان قد ابتدأها نائب القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن شمس الدين كباشي بالتواصل مع دول مثل النيجر ومالي، فمازال في محيطنا الإقليمي دولٌ لها أيادي سابغة على ميليشيا الدعم السريع، تحتاج من السودان تحركاً دبلوماسياً يقطع به دابر هذه الميليشيا ويلقي بها في مزبلة التأريخ.