مقالات الرأي والأعمدة

الحكاية الممنوعة لكتيبة العمل الخاص بالمهندسين”

الحكاية الممنوعة لكتيبة العمل الخاص بالمهندسين”

بقلم بيكو الجندي المجهول

في خضم الأحداث التي شهدتها البلاد، برزت كتيبة العمل الخاص بالمهندسين كنواة حقيقية للمعركة وحجر الأساس لها، حيث جمعت في صفوفها عناصر من مختلف الوحدات النظامية ومن الشعب السوداني، وشملت مقاتلين من القوات المسلحة، قوات الشرطة، جهاز الأمن، المستنفرين، المجاهدين، والكفاح المسلح جناح مالك عقار. وتم تشكيل هذه الكتيبة باتفاق بين عدد من جنرالات الجيش وأعضاء من مجلس السيادة داخل المنطقة العسكرية بأمدرمان، لتكون قوة ضاربة في معركة الكرامة.

التضحية والفداء: روح الكتيبة القتالية

قدّمت كتيبة العمل الخاص بالمهندسين تضحيات جسامًا خلال المعارك، حيث سجلت أكثر من 150 شهيدًا، وهو رقم يفوق أي كتيبة عمل خاص في معسكر الجيش، إلى جانب العديد من الجرحى . لم تقتصر الكتيبة على العسكريين في الخدمة الفعلية، بل انضم إليها عدد من المعاشيين من ضباط الصف الذين لبوا نداء الواجب من تلقاء أنفسهم، مؤكدين أنهم أبناء الوطن والمؤسسة العسكرية، يقاتلون لا طمعًا في مكافأة، بل إيمانًا بقضيتهم.

الوعود التي لم تتحقق ولكن العزيمة لم تتراجع

رغم ما قدمته الكتيبة من تضحيات، حصل أبطالها على وعود من قيادة المنطقة العسكرية بإعادتهم إلى الخدمة وصرف مرتباتهم كعسكريين في الخدمة الفعلية وليس كمستنفرين. ومع ذلك، لم يتم تنفيذ هذه الوعود حتى الآن، لكن ذلك لم يثنِ هؤلاء الأبطال عن المضي قدمًا في المعركة، حيث كان هدفهم الأول والأخير دحر التمرد، ولم يكن شغفهم بالمكافآت بل كان نظرهم متجهًا نحو الفردوس الأعلى أكثر من متاع الدنيا الزائل.

انتصارات ميدانية وسط الانتكاسات

واصلت كتيبة العمل الخاص بالمهندسين عملياتها العسكرية رغم عدم توفيق أوضاع أفرادها، حيث كانت أول قوة محاصرة تتقدم وتستعيد مواقع استراتيجية، مثل:

عابدين

العباسية

الموردة

وفي ظل التراجع الذي شهدته بعض الجبهات، مثل سقوط ولاية الجزيرة في يد الميليشيا، تمكنت الكتيبة من التقدم نحو المنطقة العسكرية بأمدرمان عبر ميدان الربيع وصولًا إلى شارع العرضة، حيث تمكنت من العبور إلى داخل المنطقة والالتحام مع قوات جهاز الأمن المتمركزة هناك. كان هذا انتصارًا كبيرًا، أعقبه تقدم القوات نحو الإذاعة، التي كان المهندس الرئيسي لاقتحامها هو الشهيد العقيد إبراهيم حسين راشد، كما قاد الكتيبة في اقتحام منطقة الدوحة، التي كانت خط الدفاع الأساسي لمعسكر المهندسين استعدادًا للعبور العظيم.

الكتيبة تستحق أعلى الأوسمة

رغم الدور البطولي الذي لعبته هذه الكتيبة، لم يتم إنصاف أفرادها بالشكل الذي يستحقونه. فقد طالبت بعض الجهات العسكرية بضم الكتيبة إلى صفوفها، لكن الطلب قوبل بالرفض نظرًا لحجم التضحيات التي قدمتها، والتي جعلت منها كيانًا فريدًا ومتميزًا، لا تجامل قيادة المهندسين فيها .

ومع ذلك، لا تزال هناك مشاكل تواجه أفراد الكتيبة، منها:

عدم صرف مرتبات بعض المقاتلين، ومن بينهم عدد من الشهداء الذين لم يتقاضوا رواتبهم في حياتهم،حيث لم يتم صرف الرواتب منذ بدا الحرب الا مرتبات اخر خمس شهور فقط.

عدم تنفيذ الوعود بإعادة المعاشيين الذين قاتلوا في صفوف الكتيبة إلى الخدمة الفعلية.فما زالو يصرفون كمستنفرين.

عدم الاهتمام بمصابي الكتيبة حيث لدي الكتيبه عدد من المصابين فاقدي الأطراف وعدد من الاصابات الحساسه منها قاتلة.

مناشدة إلى القيادة العسكرية

نأمل من القيادة العسكرية للمنطقة، ممثلة في اللواء الظافر، ومسؤول العمليات، وركن الاستخبارات، أن تلتفت إلى هذه المشاكل وتعمل على حلها، تقديرًا لتضحيات هؤلاء الأبطال الذين بذلوا أرواحهم من أجل الوطن،فهؤلاء القادة نعلم انهم يقدرون هذه المجهودات رغم شح الموارد.

ختامًا

تظل كتيبة العمل الخاص بالمهندسين نموذجًا مشرفًا للتضحية والفداء، وأسطورة ستظل محفورة في صفحات التاريخ العسكري للبلاد. ونسأل الله أن يتقبل الشهداء في الفردوس الأعلى، وأن يكلل مساعي المقاتلين بالنصر المؤزر، فما النصر إلا من عند الله.

رحم الله العقيد ابراهيم حسين راشد

بيكو الجندي المجهول
السبت/8/مارس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى