استغلت بعض خسائر الجيش في الميدان، غرف الجنجويد "البرهان في مرمى النيران"
مواقف صعبة واجهها الرجل وهو يتصدَّى لابتزاز السودانيين بالإطاري أو الحرب..
خبير عسكري: البرهان يحظى بثقة كبيرة داخل المؤسسة..
مراقبون: لا.. لاتهام الرجل بالخيانة، وغيابه يعني سقوط البلد..
مطالبة رئيس مجلس السيادة بالخروج لتمليك المواطنين حقائق ما يجري في الميدان..
إسماعيل جبريل تيسو
تنتظم منصات التواصل والمواقع الإلكترونية حملة شرسة تستهدف شيطنة رئيس مجلس السيادة، القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، وتصاعدت حدة حملة الاستهداف عقب الخسائر التي تلقتها القوات المسلحة في ولاية سنار، حيث نشرت بعض المواقع الإلكترونية شائعة تتحدث عن توقيف البرهان من قبل هيئة أركان القوات المسلحة ووضعه تحت الإقامة الجبرية بمدينة بورتسودان، يأتي ذلك في وقت تعلو فيه الأصوات المطالبة بإقالة الرجل وإفساح المجال لشخص آخر قادر على التعاطي مع واقع الحرب وهزيمة ميليشيا الجنجويد.
مواقف صعبة:
وواجه البرهان منذ اندلاع تمرد ميليشيا الدعم السريع في الخامس عشر من أبريل ٢٠٢٣م العديد من التحديات والمواقف الصعبة، كان أبرزها مقتل أكثر من ٣٥ جندياً وضابطاً من حرسه الرئاسي والشخصي وبذلهم أرواحهم رخيصة فداءً له، وهي التضحية التي أفلشت مخطط قائد ميليشيا الدعم السريع محمد حمدان دقلو الذي كان حريصاً على توقيف البرهان حياً أو ميتاً، فخصص قوة خاصة لمداهمة مقر إقامة القائد العام للقوات المسلحة ولكنهم عادوا بخفي حنين يجرجرون أذيال الخيبة والفشل في تنفيذ المهمة التي كان نجاحها يعني نجاح مخطط حميدتي وداعميه من قوى الحرية والتغيير ومن دولة الإمارات ودول أخرى في محيطنا الإقليمي، ولكنهم خسروا وخسئوا فأصبحوا جميعاً على ما أسروا في أنفسهم نادمين.
في مرمى النيران:
وظل البرهان بصفة خاصة والهيئة العليا لقيادة القوات المسلحة بصفة عامة، في مرمى نيران الكثير من الحملات المستعرة، التي تنشط كلما تعرض الجيش لهزّة وفقد موقعاً أو منطقة عسكرية أو مدينة خلال الحرب التي تدخل شهر الخامس عشر، وبلغت ذروة انتقادات البرهان وقيادة الجيش في ديسمبر الماضي عندما دخلت ميليشيا الدعم السريع وبشكل مريب ومفاجئ مدينة ود مدني حاضرة ولاية الجزيرة، واستباحت بعدها القرى والفرقان الآمنة وعاثت فيها فساداً وارتكبت من الجرائم والفظائع ما يندى لها الجبين، وخلال الساعات الماضية عادت موجة الإحباط لتضرب نفوس السودانيين من جديد عقب الخسائر التي تلقاها الجيش في ولاية سنار منتصف الأسبوع الفائت، لترتفع نبرة توجيه الاتهامات للقائد العام للقوات المسلحة وهيئة القيادة العليا للجيش، خاصة وأن الكثير من المعلومات كانت متداولة عن نية ميليشيا الدعم السريع اجتياح ولاية سنار.
وعي رغم الغضب:
وعلى الرغم من حالة الغضب والاستياء التي انتظمت الشارع السوداني جراء الخسائر التي تلقاها الجيش في ولاية سنار، إلا أن الكثير من الأصوات والأقلام الواعية قللت من هذه الخسائر باعتبارها مطلوبات تقتضيها ظروف الحرب القائمة على الفر والكر، فخسارة مدينة لا تعني خسارة الحرب، بقدر ما تعني تنظيم الصفوف وترتيب الأوضاع وبحث أسباب الخسارة والبناء عليها لتحقيق مكاسب جديدة تعيد الثقة إلى علاقة الشعب بالجيش، في ظل حالة هلع تنتاب المواطنين كلما اجتاحت ميليشيا الدعم السريع مدينة أو قرية وذلك عطفاً على الانتهاكات الجسيمة التي تقوم بها هذه الميليشيا ومعاونوها من الشفشافة والمتفلتين.
رفض الخيانة:
ويرفض مراقبون للأوضاع داخل المؤسسة العسكرية الاتهامات التي تصف الرجل بالخيانة كلما تعرض الجيش لخسارة، باعتبار أن خسارة الجيش ليست بالضرورة أن تكون وراءها خيانة رغم ورود هذه الفرضية في ظل الحرب، ولكنهم أرجعوا معظم الخسائر التي يتعرض لها الجيش إلى سوء في التقديرات، أو اتخاذ قرارات خاطئة، أو بسبب عدم توفر مطلوبات ميدانية ذات علاقة مباشرة بسير المعركة القتالية المعنية، سواءً كان ذلك في ضعف العتاد والمعدات الحربية، أو في عدم تكافؤ القوة، أو غيرها من الأسباب غير المرئية للقيادة الميدانية، مشددين على ضرورة أن يقطع القائد العام للجيش دابر الشائعات بالخروج لمخاطبة المواطنين وتمليكهم حقائق ما يجري في الميدان ليحافظ على دعم وإسناد الشعب للجيش، مقترحين في الوقت نفسه تشكيل غرفة طوارئ تتكون من قيادات موثوقة تُعنى بإدارة الحرب، وتماثلها غرفة أخرى لإدارة الشأن الإنساني، وغرفة ثالثة لإدارة الشأن الإعلامي.
غير منطقي:
واتهم الكاتب الصحفي والخبير القانوني أشرف خليل غرف ميليشيا الدعم السريع، بالتضافر والتعاون مع من اسماهم جيوباً من أصحاب المصالح الخاصة، بالإضافة إلى استخبارات خارجية، قال إنهم يسعون إلى إسقاط الفريق عبد الفتاح البرهان، مستفيدين من بعض الخسائر التي تعرض لها الجيش في الميدان، وأكد خليل في حديثه للكرامة أنه ليس من المنطقي في أوضاع مأزومة كحالة السودان أن يجري تغيير كبير في قيادة الجيش دون إحداث تلك الأضرار العنقودية في كامل المنظومة الوطنية المساندة لمعركة الكرامة، مستبعداً لجوء الجيش لهذه العملية التي وصفها بالمعقدة وغير المنطقية ولا يمكن إجراؤها دون تفويض لأحد وبغير الصلاحيات والسلطات، وختم حديثه محذراً من مغبة فقدان البرهان في هذا التوقيت، وزاد ” فليعلم الجميع أن سقوط البرهان يعني سقوط البلد في سديم سحيق”!.
ثقة المؤسسة العسكرية:
ويقول خبير عسكري وضابط رفيع في القوات المسلحة فضّل حجب اسمه إن القائد العام للقوات المسلحة الفريق عبد الفتاح البرهان يحظى بثقة كبيرة جداً داخل المؤسسة العسكرية، وسخر في حديثه للكرامة من ما يُتداول في منصات التواصل الاجتماعي بشأن تحركات داخل الجيش لإزاحة الرجل من المشهد، منوهاً إلى مواقف قوية للبرهان تصدى من خلالها لما وصفه محاولة ابتزاز السودانيين بالاتفاق الإطاري أو الحرب، وأشار الضابط الرفيع إلى إنجازات كبيرة قام بها الفريق البرهان خلال فترة الحرب رجحت الكفة لصالح الجيش بعد امتصاص الصدمة الأولى، هذا فضلاً عن الاختراقات التي أحدثها البرهان في كسر حاجز العزلة الذي كان مضروباً على السودان من قبل بعض الدول التي رفضت أن تمدَّه بالمؤن والعتاد الحربي، في وقت كانت فيه الميليشيا المتمردة تتلقى دعماً لوجستياً وبشرياً يأتيها من الإمارات عبر تشاد ويوغندا.
خاتمة مهمة
على كلٍّ فإن الحرب ستبقى مستمرة وهي متقلبة ما بين مكسب وخسارة وفرٍّ وكر، وما بين هذا وذاك تنشط غرف العدو في بث الشائعات وتسميم الأجواء للنيل من مصادر القوة داخل المؤسسة العسكرية ومحاولة تصدير الإحباط والاستياء وسط المواطنين، في مسعى خبيث لهزّ الثقة في القوات المسلحة وتفكيك العلاقة المتينة التي تربط بين الشعب وجيشه.