هواتف هارون (الكركرت).. بقلم.. هشام الكندي
الحرب النفسية واحدة من أهم الأساليب التي تستخدم في الحروب بغية التأتير على العدو لاحباطه معنويآ و نفسيآ كما التأتير على الحاضنة الوطنية والشعبية بأن جيشهم غير قادر على الإنتصار وحسم المعركة والتقدم في محاور القتال ، وان قادة جيشهم الوطني يتامرن مع العدو بدافع المكاسب الشخصية ، وبذلك تصبح الصورة الذهنية للشعب بأن هؤلاء خونة وعملاء يجب ازاحتهم او قتلهم ، فواقع الحال ليس كذلك واعتمد فهم المواطن على ماتم بثه من شائعات نسجت بدقة تصورية كبيرة أثرت على المتلقي حتي أصبح مطلقا للشائعة نفسها وغالبآ تكون مجهولة المصدر ، والحرب النفسية لم تكن حديثة عهد فبرزت اساليبها منذ الحروب العالمية لكنها تطورت مع التطور التقني لوسائل الإتصال الحديثة حتى أصبحت علمآ يدرس في المعاهد والجامعات .
راج في وسائط التواصل الإجتماعي قصة درامية مفادها ان الفريق (ادم هارون) قائد قطاع الفاو لجأ لعمل حيله لإكتشاف (الخونة) من الضباط حيث دعى إلى إجتماع ضم كل القادة وامرهم بوضع الهواتف على الطاولة ثم وجه المدفعية للتدوين في مختلف الجبهات ، وبعد دقائق (تكركر) الهواتف وبعض الضباط يتعرقون من الهول ويأمرهم بفتح سماعة الهاتف ، ست هواتف تكركر ( ليه ما كلمتونا بالتدوين) ليتم القبض على الضباط الست وترحيلهم إلى السجن العسكري ببورتسودان . راوي الدراما يتظاهر بالتعاطف مع الجيش في المشهد الأول (رغم الانتصارات الكبيرة للجيش السوداني في شتى المحاور لكني قلقآ على محور الفاو) حتى تم اكتشاف خونة الضباط الست على شاكلة إدريس ديبي بعد محاضرة قصرة ، ولعلك لم تدري عن حصار القصر واسأل قوش للخبر اليقين . المهم كثير من الناس تعاطف مع القصة وتعاطف مع الفريق هارون (بلعوا الطعم) فمهنم من وصفه بالوطني الغيور و ابن البلد الأصيل ، وبذلك أصبح ضباط الجيش خونة وعملاء مما تستوجب المحاسبة وتأخر النصر .
مثل هذة الرسائل المسمومه تعد من أخطر الرسائل لأنها تستبطن الشر بداخلها (السم في الدسم ) لكنها لا تفوت على فطنة المتلقي الذي يقرأ بين السطور مهما كان (الصنف) المستخدم للمزاج من كاتب القصة .
ولتحليل فصول الدراما لا يمكن أن يجتمع القادة في مكان واحد ولايمكن ان يحملوا الهواتف في غرف السيطرة والتحكم حيث يمكن للعدو معرفة الإحداثيات من قراة الشريحة وضرب الهدف على شاكلة تصفية قادة حماس ، و لايمكن أن (تكركر) ست هواتف في لحظة واحدة فالمنطقة عسكرية وليست مكتب خدمات مشتركين ، إضافة إلى أن اتصال الضباط بالميدان يتم عبر اجهزة خاصة وشفرة خاصة لكل ضابط ، أضف إلى ذلك وفق الواقع لايمكن تحريك عربة حراسة إلى سجن بورتسودان ، مما زكرت تفضح عدم حقيقة الرواية وعدم الحبكة الدرامية يعني كانت عايزة خيال أوسع و(دبلي) من الصنف الممتاز .