مقالات الرأي والأعمدة

حاتم السر سكينجو المحامي.. يكتب.. سطور دامعة في رحيل الشقيق الصديق المناضل صلاح بابكر عباس

صلاح بابكر عباس إمام من مواليد الخرطوم بحري في ٢٩ ديسمبر ١٩٥٨م وتعود جذور عائلته إلى قرية البار عمودية جلاس مركز مروي من والد شايقي, درس المرحلة الابتدائية في مدرسة العزبة بالخرطوم بحري والمتوسطة في مدرسة بحري الأميرية والمرحلة الثانوية في مدارس الشعب بالخرطوم بحري ثم سافر إلى لندن لدراسة اللغة الإنجليزية ومنها انتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية لدراسة إدارة الأعمال. أنتمى إلى صفوف حزب الحركة الوطنية السودانية الاتحادي الديمقراطي مبكراً ومارس عمله النضالي والوطني حيث تم اعتقاله من قبل قوات الامن في العهد المايوي عدة مرات لاتهامه بانه يلعب دور حلقة الوصل بين المعارضة الخارجية بقيادة شهيد المنافي الشريف حسين الهندي وبين الاتحاديين في داخل السودان .
سمعنا النبأ الحزين بانه في يوم الخميس الموافق ٢٩ أغسطس ٢٠٢٤ م ترجل فارس من فرسان الحركة الاتحادية من صهوة جواده الذي خاض به غمار المعارك الوطنية شاهرا سيفه ضد الطغيان والفساد موجهًا بوصلته تجاه السودان شعبًا وأرضًا ،إنه القائد الاتحادي والمناضل الوطني / صلاح بابكر عباس الذي فاضت روحه إلى بارئها بعد أن أعياه المرض في مدينة الخرطوم بحري عشقه الأبدي وحبه الدائم، والتي رفض أن يغادرها متحملا ظروف الحرب القاسية وتداعياتها ،وعاش كل مآسيها ومخازيها ،ورغم ذلك كله أصر علي عدم النزوح من بحري وكأنه كان علي موعد أن تكون مقره الأخير ومكان استراحة جسده النحيل الذي نهشته أنياب الحرب وما سببته من أمراض ، لقد مات ودفن صلاح بابكر عباس حيث ولد ونشأ وحيث رضع حليب الوطنية في الخرطوم بحري .وبرحيله المفاجيء يكون الحزب الاتحادي الديمقراطي وتكون الخرطوم بحري قد غاب عن سمائها قمرًا منيرًا وقامة من قامات العمل الوطني .وبرحيل الفقيد ودعت الخرطوم بحري ابنا بارًا من أبنائها وودع الحزب الاتحادي الديمقراطي والطريقة الختمية قائداً وطنياً وأحد أبرز القيادات الحزبية في الزمن الجميل وفي سنوات النضال الأولي ضد الانقاذ ، حيث كان صلاح بابكر عباس مناضلاً عنيداً في الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب السوداني.عرفناه عن قرب إبان فترة الانتفاضة ضد النظام المايوي حيث كان الدينمو المحرك للتنظيم الشبابي في الخرطوم بحري مشكلا ثنائيا منسجما مع رفيق دربه وصديق عمره الفقيد العزيز محمد عثمان سيداحمد (كلشلش) رحمه الله ثم توثقت الصلة وترسخت العلاقة بيننا خلال سنوات المعارضة الاولي ضد الانقاذ حيث كان الفقيد صلاح بابكر عباس من أوائل المهاجرين الذين التحقوا بالقائد الوطني والتفوا حول الزعيم النضالي مولانا السيد محمد عثمان الميرغني بالقاهرة وتم تكليفه بادارة أول مكتب تم افتتاحه لادارة المعارضة السودانية ضد الانقاذ وهنا تجلت وظهرت شجاعة وفراسة هذا الشاب التي ورثها من والده (عليهما رحمة الله) ، كنا نصاب بالدهشة والاستغراب للشجاعة الفائقة التي يتحلي بها الفقيد صلاح ،ولكن كان الفضل لعمنا الاستاذ محمد الخليفة طه الريفي (رحمه الله ) والدكتور احمد السيد حمد (رحمه الله ) وهما من سكان الخرطوم بحري وتربطهما علاقات وطيدة باسرة الزعيم بابكر عباس ولهما الفضل في تبيان ان ما يتمتع به صلاح من شجاعة وجسارة وفراسة ما هي الا جزء يسير مما كان يتصف به والده الزعيم بابكر عباس الذي كان من القيادات السياسية المقربة للزعيم التاريخي مولانا السيد علي الميرغني وللرئيس الشهيد الزعيم اسماعيل الازهري .

سار الفقيد صلاح بابكر عباس علي درب والده فوصل قمة الزعامة ،فكان من القيادات المقربة لزعيم ورئيس الحزب مولانا السيد محمد عثمان الميرغني، وكان أحد مؤسسي المعارضة السودانية بمصر ، وكان قائداً متميزاً للحراك الوطني السوداني المعارض لنظام الانقاذ من مصر، عرفنا صلاح بابكر بطيبة قلبه وروحه المرحة الطيبة، حكيم برأيه، قائد في المواقف الصعبة وأخ وصديق بمعنى الكلمة وفدائي شرس ينفذ أصعب المهام وأعقدها بكبرياء الأبطال.كان يمتلك شخصية وحضوراً في المواقف الوطنية، ذو بصيرة وحكمة واتصف بدهاء الاتحاديين في مراحل الفداء والعطاء،صلاح بابكر الاتحادي الثوري المناضل كنا نجتمع في شقته بمصر الجديدة للتخطيط السليم في كل مراحل النضال الثوري ضد الانقاذ ،كان يرحمه الله مدافعا شرسا عن الحزب الاتحادي والبيت الميرغني ،وكان قائداً يشار إليه بالبنان.
قضى سنوات من عمره في العمل المباشر مع سيادة مولانا السيد محمد عثمان الميرغني وقاد العمل التنظيمي في الخرطوم بحري ، صاحب تجربة غنية في العمل الوطني داخل وخارج السودان.صلاح كان قائداً وطنياً في كل مكان وزمان، مناضلاً وفياً مخلصاً لقيادته ولحزبه ولوطنه والخرطوم بحري .
الفقيد المناضل صلاح بابكر عباس متزوج من أمنية وله من الأبناء محمد عثمان ،جعفر الصادق،ولجين. وله من الأخوان : محمد عثمان ، حسن ، محمد ، هاشم ، علي ، احمد ، عباس ، صلاح ، أمام ، اسماعيل الأزهري ، نصر الدين. وقد رحل في الخرطوم بحري التي بقي فيها وحيدًا كالسيف بعيدا عن ابنائه واخوانه الذين تشتتوا بسبب هذه الحرب التي تشنها المليشيا على أبناء الشعب السوداني ، حيث اضطر جزء منهم للنزوح من مدينة بحري إلى ولايات أخري ودخل الجزء الآخر في رحلة لجوء بسبب الحرب، ولم يتحمل قلب صلاح بابكر كل هذه الأوجاع من النزوح والتشرد والقصف والدمار والجوع والقهر، وهذا الوجع الذي يعيشه جميع أبناء الشعب السوداني في مخيمات النزوح واللجوء ،فترجل الفارس الشهم صلاح بابكر عباس من فرس الوطن والحزب ، تاركاً خلفه تاريخاً حافلاً بالنضال والعطاء في مراحل متعددة ومواقع متقدمة من البذل والعطاء.
رحل عنا بعد مسيرة حافلة وحياة مشرفة بالعمل والنضال، فكان نعم المناضل الوطني الشجاع والمقدام وبلا شك فان رحيلك أخي صلاح يشكل خسارة كبيرة ويترك حزنا أليمًا في قلوب كل من عرفك وأحبك وعمل معك.
ونتقدم بخالص التعازي وصادق المواساة لسيادة مولانا السيد محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب ونائبه السيد جعفر الصادق الميرغني والعزاء لأسرة الفقيد العزيز زوجته وابنائه واخوانه وأقربائه وأصدقائه ورفاق دربه ومسيرته، والعزاء لكل الاتحاديين ، سائلين الله تعالي أن يتغمد الفقيد العزيز بواسع رحمته ومغفرته وان يجعله من اصحاب اليمين في جنات النعيم الي جوار النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا وأن يلهم آله وذويه الصبر والسلوان وحسن العزاء. إنا لله وإنا إليه راجعون…
*حاتم السر سكينجو المحامي*

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى