مقالات الرأي والأعمدة

وجه الحقيقة – إبراهيم شقلاوي. – حلاوة العودة غنيناها في موال

بالأمس تحدثت مع عدد من الأصدقاء والأحبة عن فكرة العودة إلى الخرطوم والسودان، وأتفق الجميع أن هذه هو الوقت المناسب لبداية الزحف إلى الديار زرافات ووحدانا ، أتفق الجميع على أن العودة لن تكون كما يتصورها البعض على شاكلة الأفلام الهندية ، التي يحتشد فيها الناس وامتعتهم في محطات القطارات والمطارات والباصات وهاك يا وداع وبكائيات حد النحيب ، ثم طفلة تائهه هنا وآخر يجري هناك ومناداة بمكبرات الصوت ، الرحلة رقم كذا المتوجهة للخرطوم، والرحلة رقم كذا المتوجهة للميناء البري ام درمان، والرحلة رقم كذا لمحطة القطار إلى بحري ، الأمر مختلف عن ذلك كثير أيها الأحباب، العودة هذه تظل قرار فردي وقد بدأت منذ أن طهر الجيش ام درمان من التمرد، كانت عودة بهدوء وشجاعة ، مثلما كان الهروب من ويلات الحرب بذات الهدوء والشجاعة ، بالأمس حسب وكالة السودان للأنباء : قال مصدر مسؤول بمعبر أشكيت الحدودي بوادي حلفا إن المعبر استقبل عددا كبيرا من السودانيين الذين نزحوا بسبب الحرب إلى مصر ، وأن تلك الأعداد جاءت في إطار العودة الطوعية بعد بشريات الانتصارات التي عمّت البلاد ، إلى جانب عدد من المخالفين للوائح الدخول وتم ترحليهم ، وكشف المصدر أن عدد الذين عادوا إلى البلاد عبر معبر اشكيت في شهر أغسطس بلغ ( 7890) شخصاً ، وفي سبتمبر ( 12539) شخصاً غالبيتهم من الأسر ، موضحاً بأن أغلب قرار عودة الأسر السودانية من الشقيقة مصر ارتبط بانتصارات القوات المسلحة واسترداد أراضي ولاية الخرطوم مؤخراً ، يبقى بعد ذلك أمر العودة تحكمه الظروف الإجتماعية والفروق الفردية بين الناس بحسب الحنين للوطن وللمكان والذكريات وفي هذه بالتأكيد تفوق أهل الأدب والفن والشعراء المعجونين من طينة الجمال ، أول أمس عاد النور الجيلاني إلى الكدرو حين سمع عبور الجيش كبري الحلفاية ، ووجد في أستقباله أحبائه وجماهيره ، وجد الجيش مرحبا به وأوقف له سيارة ذات دفع رباعي لتقله إلى داره آمنا سالما موفور الكرامة ، إلا إن صاحب كداراوية أصر أن يعبر الكبرى (كداري) راجلا رقم الإعياء والتعب ، مكنوه من ذلك بضع خطوات ثم أوصلوه الي بيته ، ومثله فعل صاحب، القاش وشمس الصيف القيف يعاين القيف ، ذلك الأنيق جزيل العبارة عبد الوهاب هلاوي عاد إلى الحلفاية حيث الذكريات والدار الوريف والجيرة التي تغنيك عن الدنيا وما فيها أو هكذا وصفها ، وكتب عنها هذه الكلمات الأنيقة ، بعد غيبة استمرت منذ قيام الحرب المؤامرة ، الرجل تدفق شعرا وكلمات جزلى كعادته : ها أنا أعود لداري بحمد الله في مدينة الحلفاية ، نعم لم يتركوا لي في الدار من شئ .. لقد أخذوا كل شئ .. فقط عجزوا عن أخذ قلبي .. إيماني بربي .. وثقتي في القادم من الأيام .. َ شكرا أهلي في الجيش الذين أعانوني على طريق العودة.، شكرا صديقي النبيل محمد حامد.، سأكتب لاحقا وبتفصيل ، والمكيف بكره برجع ، برجع المال .. والأثاث.. الذهب يوم بكره برجع.. تأني بيرجع لينا ماس.. المهم أخلاقنا ترجع .. وتاني نرجع نحن ناس .. الحمد لله رب العالمين هكذا ختم مناجاته ، كذلك يستعد الأنيق عاصم البنا : الشافنا راجعين لي ديارنا .. اصلو ما كضب .. قريب ، لا معابر.. لافي عابر.. لا جوازات.. لا تذاكر ، لافي زول عايش غريب ، الشافنا قاعدين نص ديارنا أصلو ما كضب قريب.، وعما قريب .. الهمبريب .. صدقني يا محجوب بعود .. يفتح شبابيك الحبيب..، هذه ثنائية ما بعد الحرب احتشدت فيها العاطفة والإرادة والمشاعر الطيبة والحنين للوطن بين هلاوي و عاصم البنا ، تلك هي مشاعر أهل الأدب والفن، كذلك عاد إسحاق الحلنقي إلى امدرمان التي عشقها وعشقته عاد إلى إنسانها وأنسامها ، قال فيها : بكرة تظهري يا حقيقة وتكتب الأيام حكاية، تبقي قصة وعبرة باقية وتبقي للأجيال دراية ، تحكي عن أكبر مخطط ناوي للسودان نهاية .
وعن عميل خائن لبلدو الله لا حققلو غاية .
وتحكي عن أبطال شوامخ قمة في فن الرماية .
ضحوا بالأرواح رخيصة وطفوا نيران البداية .
جيشنا عاتي وجيشنا صاحي أصلو ما بحتاج وصاية .
طالما من خلفو شعبو إلا هنا تفيض عناية .
هكذا اختلجت مشاعر السودانين وتزاحمت في حب الوطن والجيش وحلاوة العودة للديار التي تغنى بها الباشكاتب من قبل ، حلاوة العودة غنيناها في موال ، عليه يظل وجه الحقيقة في أهمية الاستطفاف الوطني في هذا التوقيت المهم من تاريخنا، اصطفاف يعلي معايير الإنتماء الحقيقي لهذا البلد لأجل إعماره ونهضته ونهضة انسانه، لن يتأتى ذلك إلا بوحدة أهل السودان جميعا دون اقصاء أو تمييز ، فقط بعد نبذ العنصرية والجهوية والارتهان للأجنبي ، والتصدي للأطماع الاقليمية، والدولية.
دمتم بخير وعافية.
Shglawi55@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى