واصلة عباس تكتب معاناة مرضى الكلى يا وزير الصحة
رؤي
واصله عباس
*معاناة مرضى الكلى ياوزير الصحة*
المرض هو ابتلاء عظيم للبشر، تظهر فيه قوة الاحتمال والصبر على الأوجاع والألم، والمرض لايصيب المريض وحده، بل يصل إلى كل من حوله يشاطرونه الألم والوجع، ويطرقون كل الأبواب لنجدته وغوثه ، اوجدتني المقادير أن أكون لعدد من السنوات بين غرف الغسيل الكلوي متابعة لمريض، وكنت في كل زفرة ألم يطلقها مريض، اقابلها بالشكر الجزيل لله رب العالمين على نعمة الصحة، يتجدد إيماني بالله عند كل موعد للغسيل، وانا ارى تلك الماكينات التي ترتبط بحياة المرضى، وعلى الرغم من قسوتها وخطورتها، الا ان المرضى يأتون إليها طائعين وفي موعدهم، ويغضبون إذا أخلت إدارة المستشفى بالموعد لأي ظرف.
امضينا في مستشفى الجزيرة شهور الحرب الأولى لاري حجم المعاناة لإدارة المستشفى والمرضى، في ظل ظروف بالغة التعقيد، وتدفق كبير للمرضى القادمين من الخرطوم بحثا عن العلاج، واكرمني الله وبفضل جهود زملائي في جمعية الهلال الأحمر بالولاية أن يجد شقيقي ( رحمه الله تغشاها) حظه من جلسات لم تستمر سوى أربعة مرات ليختاره المختار إلى جواره، ونحن على موعد مع جلسة أخرى، وكان السبب انه لم يتمكن من الغسيل طوال فترة الحرب في الخرطوم، ونحسبه شهيدا لأنه مات مبطونا، وغريبا عن دياره.
تجددت مأساتنا بسبب الحرب والحصار المميت الذي شهده أهلنا في مدينة أبوسعد الفتيحاب، مما أدى إلى انقطاع كافة الخدمات، وكان انعدام الماء كارثة حقيقية، أدت إلى إصابات الكثيرين بالأمراض، وفاقمت من معاناة أصحاب الأمراض، وكانت شقيقتي إحدى ضحايا هذا الحصار بأن تصاب بالفشل الكلوي، لم نتمكن من الخروج بها للعلاج، نظرا للتدوين العشوائي، والاشتباكات المستمرة، حتى رحمها الله بالخروج إلى ولاية الجزيرة بعد معاناة ومخاطر، لتبدأ رحلة علاج في الغسيل الكلوي الذي جدد فينا الأحزان والقلق على حالها، ولكن كان يصدنا صبرها وقوة إيمانها.
وعقب اجتياح الدعم السريع لود مدني، ظللنا لأكثر من اسبوعين لانستطيع الخروج..
ومن ثم جئنا إلى ولاية القضارف، لنجد مستشفى تستحق أن يضع تاج على رأس كل العاملين فيها بلا استثناء، وطوال عام هو عمر تواجدنا في القضارف،، كنا نرى التفاني والإخلاص في طاقم العمل.. رغم قلة الإمكانيات. وانقطاع المستهلكات والمحاليل، ولكن ثمة جهود تبذل لأجل أن ينال المريض حصته من العلاج..
وخرجنا من القضارف بسبب عدم توفر جهاز Fluoros copy, وجهاز الفستلة الصناعية Av Graft Creation
انعدام مثل هذين الجهازين في ولايات تستوعب أعدادا كبيرة من المرضى من الولايات ، والنازحين المعرضين للكثير من الأمراض، يعد من الخطورة، مما يستوجب النظر في توفيرهما عاجلا.
وصلنا عطبرة بايعاز من الطبيب بضرورة إجراء تركيب القسطرة بواسطة جهاز Fluoros copy، نسبة لضيق الأوردة وضعفها، وتشاء إرادة المولى عز وجل أن لاتتم العملية على الرغم من الجهود التي بذلها طاقم العمل، لتكون المحصلة النهائية غياب شقيقتي عن الغسيل الكلوي خمسة مرات، وهي في صبرها، ونحن في قلقنا وخوفنا عليها..
وفي خاتمة المطاف، أشار علينا احد الاستشاريين في أمراض الكلى، بضرورة إجراء جراحة أوعية دموية لاتتوفر إلا في مروي أو مصر،، وتأتي النتيجة مخيبة للآمال بأن هذا النوع من العمليات غير موجود في مروي،، وبهذا لم يتبق إلا مصر،، وأن لنا بمصر.
*رؤى اخيرة*
السيد وزير الصحة نثمن جهودكم، ونشهد عليها، وشهدنا بعضها معك، ونعلم ان الحرب قضت على البنية التحتية للمستشفيات، مما يتطلب الجهد الأكبر لتحقيق التوازن،، ولكن ماذا يفعل مثلي وانا ارى اوجاع شقيقتي تتفاقم بين يدي، وانا استنفذت كل ما أملك من قدرة ،، على علاجها،، فهل لديك ماتفعله حتى تستعيد عافيتها،، وبسبب عدم توفر العلاج في أمدرمان في فترة الحرب فقدت ثلاث من اشقائي.. فهل من حل عاجل يا السيد الوزير..؟