نقص في المواد الغذائية والخريف يداهم معسكرات الإيواء...النازحون بالنيل الأبيض...أوضاع كارثية
أكثر من ٤ ملايين نازح، ينتشرون في ٥٣٩ مركزاً للإيواء..
جهود متعاظمة لمفوضية العون الإنساني،، ومواقف نبيلة من الأسر تجاه النازحين..
تشديد من الوالي بضرورة تحديث البيانات لتسهيل التدخلات الإنسانية..
توقعات بتدفق موجات نزوح في ظل اتساع رقعة الحرب..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
يواجه ملايين النازحين بولاية النيل الأبيض ظروفاً إنسانية قاسية جراء نقص المؤن الغذائية، ودخول فصل الخريف بكثافة أمطاره التي تؤثر مباشرة على دور إيواء النازحين التي تتفاوت في قدرتها على تحمل هطول الأمطار وتداعياتها، حيث خصصت الجهات المختصة في ولاية النيل الأبيض المدارس وبعض داخليات الطلاب، لإقامة النازحين الذين وفدوا إلى بحر أبيض من أكثر من اثنتي عشرة ولاية جراء الحرب التي أشعلت فتيلها ميليشيا الدعم السريع في الخامس عشر من أبريل ٢٠٢٣م.
أوضاع سيئة:
وتسوء الكثير من الخدمات المقدمة للنازحين في بعض دور ومراكز إيواء النازحين بولاية النيل الأبيض، كخدمات المياه، والمرافق الصحية كالحمامات، وبعض الغرف، مما يجعل من بعض هذه الدور غير مناسبة للإيواء، وغير مؤهلة للإقامة الأسرية، حيث بدأ عدد من النازحين رحلات عكسية إلى مناطقهم وتحديداً في ولاية الخرطوم، يأتي ذلك في وقت تبذل فيه مفوضية العون الإنساني جهوداً متعاظمة لتهيئة وتقوية المراكز الضعيفة من خلال تنسيق الجهود والمواقف مع شركائها من المنظمات الأممية والمنظمات الوطنية، وكشفت مفوض العون الإنساني بولاية النيل الأبيض دكتور عبد السميع موسى إبراهيم في حديثه للإذاعة السودانية عن خطط وبرامج مع الشركاء من المنظمات الأممية والمنظمات الوطنية من أجل توفير الاحتياجات الضرورية المتعلقة بالمؤن الغذائية في ظل إغلاق الطرق المؤدية إلى بحر أبيض والتي انعكست سلباً على إيصال المساعدات الإنسانية لولايته.
جهود المفوضية:
وبذلت مفوضية العون الإنساني بولاية النيل الأبيض جهوداً متعاظمة خلال الفترة الماضية بالتعاون والتنسيق مع شركائها من أجل تقديم كل ما يلزم للنازحين خاصة الدعم النفسي للأطفال والنساء، والرعاية الصحية الأولية الكاملة للنساء الحُمَّل والقاصرات وكبار السن، وكشف دكتور عبد السميع عن ترتيبات تجري على قدم وساق مع شركاء مفوضية العون الإنساني من أجل مجابهة فصل الخريف والتداعيات المترتبة على المعدلات العالية لهطول الأمطار والسيول والفيضانات، منوهاً إلى تنشيط غرف الطوارئ في محليات الولاية التسع، بالإضافة إلى غرفة الطوارئ الإنسانية بمفوضية العون الإنساني التي قال إنها تعكف على وضع خطة للتدخلات السريعة لمجابهة السيول والأمطار والفيضانات التي درجت على غمر المناطق والقرى بالمياه، ووضع خطة متكاملة للصحة وإصحاح البيئة بالتعاون والتنسيق مع شركاء المفوضية من المنظمات الوطنية والدولية.
تكافل رغم المعاناة:
ويوجد في ولاية النيل الأبيض أكثر من أربعة ملايين نازح يتوزعون على ٥٣٩ مركزاً للإيواء منشرة على محليات الولاية التسع، هذا فضلاً عن الاستضافات التي تلتزم بها الكثير من الأسر والعائلات في الريف والحضر، بمعدل يصل في المتوسط إلى استضافة ثلاث أسر في البيت الواحد، إذ تستضيف مدينة كوستي وحدها أكثر من ٤٠% من أعداد النازحين الوافدين إلى ولاية النيل الأبيض، وهو واقع صعب رغم ما يعكسه من قيم إنسانية راسخة تقوم على التكافل والتراحم التي تميز إنسان بحر أبيض الذي يتسع قلبه قبل بيته لاستضافة النازحين الذين يتوافدون إلى الولاية على رأس كل ساعة خاصة بعد الأحداث التي شهدتها المدن والقري والمناطق التابعة لولايتي الجزيرة وسنار.
توقعات بموجة نزوح:
وتوقع الصحفي رمضان عبد القادر أن تستقبل ولاية النيل الأبيض المزيد من تدفقات النازحين على خلفية اتساع رقعة الحرب وتمددها إلى ولايات متاخمة كولاية سنار التي قال إن الفارين من المعارك فيها يمموا وجوههم صوب بحر أبيض، وأكد عبد القادر في حديثه للكرامة من مدينة كوستي إن حالات النزوح الجديدة ستزيد من معاناة الولاية في ظل انعدام الإيواء بكامل إجراءاته الإنسانية وتبعاته وآثاره الاقتصادية، التي انعكست سلباً على أسعار السلع الغذائية وعلى عموم معاش المواطنين، وكشف رمضان عن شكو من بعض مسؤولي إدارة بعض مراكز ومعسكرات إيواء النازحين من عدم اكتمال الإجراءات المتعلقة بمنظمات ذات اختصاص في مجال المساعدات وغوث النازحين، مما ألقى بظلال سلبية على توفير الدعم اللازم للنازحين، ولكن ذلك لم يمنع هذه المنظمات من الاستمرار في تقديم عمليات الدعم النفسي.
توفير البيانات والمعلومات:
وكان والي ولاية النيل الأبيض الأستاذ عمر الخليفة عبد الله، قد شدد على ضرورة توفير المعلومات والبيانات التي تسهم في التدخلات الإنسانية العاجلة وسد الفجوة بين الدولة والمانحين والمجتمع، ودعا الوالي إلى أهمية تضافر الجهود وإحكام التنسيق بين المؤسسات الحكومية المعنية من أجل تقديم المساعدات الإنسانية للنازحين والوافدين، حيث إن التدفق المستمر للوافدين إلى ولاية النيل الأبيض بصورة مستمرة يحتاج إلى معلومات حقيقية حتى ترفع المنظمات الوطنية والدولية من مستوى التدخلات الإنسانية، مع أهمية تحديث البيانات وتصنيفها مما يسهّل على متخذي القرار في الحكومة من تقديم المساعدات الإنسانية للمحتاجين الحقيقيين.
خاتمة مهمة:
على كلٍّ تظل ولاية النيل الأبيض وبموقعها الاستراتيجي ملاذاً آمناً للفارين من اتساع دائرة الحرب، وهو واقع يتطلب من السلطات المختصة في الحكومة المركزية محاولة مد يد العون للسلطات المختصة في ولاية النيل الأبيض من أجل إيجاد معالجات جذرية لتهيئة بيئة صالحة لإيواء هؤلاء النازحين، فالواقع يقول إن وجود أكثر من أربعة ملايين نازح، أكبر من إمكانيات بحر أبيض في ظل عملية إغلاق الطرق، وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية، خاصة وأن هذه الحصيلة ترتفع يوماً بعد يوم، مما يعني أن إسناد ولاية النيل الأبيض واجب يمليه ضمير المسؤولية الوطنية من الحكومة المركزية، المنظمات الأممية.