قيام امتحانات الشهادة … تحدى الظروف والعقبات
الطالبة شمس الحافظ تجابه المستحيل ( التعليم لا ينتظر)
قيام امتحانات الشهادة …تحدى الظروف والعقبات
الطالبة شمس الحافظ تجابه المستحيل ( التعليم لا ينتظر)
تقرير : عاكفة الشيخ بشير الشيخ
التعليم كان وما يزال الهم الأكبر في السودان لتأثره بالظروف الأمنية والحرب التي تدور حاليا بين الجيش ومليشيا الدعم السريع ، وجرى التفكير بعمق حول ما يتم بشأن امتحان الشهادة السودانية في الفترة الفائتة وللخروج برؤية حولها عقدت ادارة الامتحانات ورشة متخصصة شارك فيها خبراء تربويون وعدد من الجهات الأمنية لبحث كيفية انعقاد الامتحانات وتوقيتها .
وأكدت توصياتها على قيام الامتحانات قبل نهاية العام 2023 م وعقد مجلس الامتحانات اجتماعا عاجلا في 26 سبتمبر الماضي اطلع فيه على الاستعدادات من كافة النواحي ، وقرر موعد بداية الامتحانات في الثامن والعشرين من ديسمبر 2023 م .
وتم تكوين لجنة عليا من المجلس السيادي ولجان فنية من الوكلاء والأجهزة الفنية للمراقبة ما يؤكدا الاهتمام الكبير الذي توليه الدولة لامتحانات الشّهادة السودانية .
ووفق دراسة تم استخدام استمارة حصر لتوضيح حركة نزوح الطلاب داخليا وخارجيا واستمر الحصر حتى منتصف شهر نوفمبر الماضي لأكثر من عشرة أشهر نسبة لموجات النزوح التي تطرأ من حين لآخر، وعكف العاملون بإدارة الامتحانات والجهات المختصة على تنظيمها والإعداد لها ، وأصدر مجلس السيادة قرارا بتشكيل اللجنتين العليا والفنية برعاية واشراف نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول مالك عقار الذي أشرف بنفسه على كل مراحل الامتحانات وتذليل كافة المعوقات وتوفير المعينات اللوجستية.
وبذلت الوزارة والجهات الأخرى ذات الصلة جهدا جبارا في طباعة الامتحانات داخل السودان بمدينة عطبرة بولاية نهر النيل واستغرقت عملية الطباعة خمسة عشر يوما فقط، حيث تمت طباعتها وتأمينها بصورة دقيقة ووفق ترتيبات معينة.
وتم اتخاذ اجراءات تمكن اي طالب من طلاب الدفعة المؤجلة من الحصول على رقم جلوس ، وتم تزويد الولايات التي بها مراكز امتحانات بأرقام جلوس اضافية كافية لمعالجة اشكالات الطلاب الذين سقطت اسمائهم من الكشوفات التي ارسلتها الولايات ، وظلت المعالجات حتى الثانية عشر من ظهر اليوم الذي بدأ فيه الامتحان .
وحددت الوزارة الساعة الثانية والنصف بعد الظهر يوميا لبدء الجلسات حتى انتهاء الامتحانات مراعاة لجوانب محددة .
الطلاب السودانيين بتشاد وصوت الحق :
سارت وزارة التربية والجهات العاملة معها لتنظيم الامتحانات في تنفيذ برامجها وخططها التي تم وضعها لجلوس جميع الطلاب بالمراكز الداخلية والخارجية
وبعث قرار جلوس الطلاب للامتحان سعادة وتطمينات للطلاب والأسر باستمرار العملية التعليمية وعدم تجمدها وأعد الطلاب وأسرهم العدة لخوض الامتحانات إلا أن الوزارة والطلاب السودانيين بتشاد وأسرهم تفاجأوا بقرار الرئيس التشادي بمنع قيام الامتحانات للطلاب السودانيين باعتبارهم نازحين يجب أن يمتحنوا وفق مقررات الدولة التي يقيمون بها وكانت تلك مفاجأة كبرى للطلاب واسرهم بعد أن أعدوا العدة للجلوس للامتحانات وكان لها أبعادها النفسية .
وكانت الوزارة قد أعدت ترتيباتها الخاصة لامتحان الطلاب بتشاد قبل صدور القرار وتهيأ الطلاب لأدائها وكانت المفاجأة التي وقعت عليهم كصاعقة .
وبذلك فقد أكثر من عشرة الف طالب فرصتهم في الجلوس لأداء الامتحان .
وأصدرت وزارة التعليم والبحث العلمي والتدريب المهني في حكومة إقليم دارفور بيانا طالبت فيه المنظمات الحقوقية والإنسانية والعدلية في العالم كافة، بإدانة دولة شاد لمنعها طلاب دارفور اللاجئين من الجلوس لامتحان الشهادة السودانية المؤجلة للعام٢٠٢٣م .
وأشارت في بيانها إلى أن أداء الامتحانات من الحقوق الأساسية للاجئين والنازحين وان بعض الدول تكفل هذه الحقوق حتى للمدانين في جرائم يقضون فيها عقوبات ، وأكدت أن التعليم من حقوق الإنسان الأساسية وان عملية حرمان التلاميذ من الجلوس لأداء الامتحانات جريمة شنعاء .
وبذلك تكون الوزارة قد رفعت قضية هؤلاء الطلاب في انتظار (صوت الحق) .
وعلى الرغم من حرمان الطلاب السودانيين بتشاد من الجلوس للامتحانات فقد جلس لامتحانات الشهادة السودانية 60 طالبا تشاديا من المدارس السودانية بجدة ولم يتم حرمانهم من الجلوس مراعاة للجوانب الإنسانية .
تنظيم الامتحانات :
في الثامن والعشرين من ديسمبر الماضي بدأت امتحانات الشهادة السودانية في عدد من المراكز الداخلية والخارجية .
وبلغ عدد الجالسين للامتحانات ٣٤٣٦٤٤ ، وبلغت تقديرات الوزارة لنسبة الجالسين من المسجلين قبل الحرب بنسبة 70 % .
وبلغ عدد الوافدين نحو ١٢٠٧٢٤ وفدوا للجلوس من ١٢ ولاية بجانب ٤٢ ألف خارج السودان منهم ٢٧ ألفا في جمهورية مصر بجانب الجالسين من مناطقهم .
وبلغ عدد مراكز الامتحانات ٢٣٠٠ مركزا منها ٥٩ مركزا خارج السودان ٢٥ مركزا منها بجمهورية مصر .
وحظيت مراكز الامتحانات وتهيئتها باهتمام كبير على أعلى المستويات والوقوف على ترتيباتها منذ بداية الترتيب لها بداية برئيس مجلس السيادة الفريق أول الركن عبدالفتاح البرهان الذي وقف على سيرها وجاهزية المراكز في استقبال الطلاب لأدائها وتفقد سيادته المراكز الرئيسية للامتحانات بمحلية سواكن بولاية البحر الأحمر والمراكز الخاصة بالطلاب النازحين من الولايات الأخرى.
ووقف على مستوى الخدمات المقدمة لهم مشيدا بالدور الذي ظلت تضطلع به وزارة التربية والتعليم في توفير الاحتياجات الفنية واللوجستية ودور سفارات السودان بالخارج في تهيئة وتنظيم مراكز الامتحانات للطلاب خارج السودان والأجهزة الأمنية في تأمين الامتحانات في ظل الظروف الماثلة حالياً في البلاد.
كما شهد بدء واستمرار الامتحان باهتمام كبير على أعلى مستوى وقرع نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد مالك عقار اير بمدرسة كسلا الثانوية بنات، بولاية كسلا جرس انطلاق امتحانات الشهادة السودانية .
وتم قرع الجرس بالولايات على يد عدد من الولاة والمديرين التنفيذيين
منها مركز مدرسة الهجاليج بوحدة عسلاية الإدارية بمحلية ربك ومركز القولد بنات ومراكز القولد بنين والعفاف والفاتح برومي البكري .
وبالمراكز الخارجية تم قرع الجرس بعدد من المراكزعلى أعلى المستويات
وشهدت فترة الامتحانات طواف وزيارات تفقدية في كل بكل المراكز الداخلية والخارجية.
وسارت الامتحانات كما هو مخطط لها وبهدوء تام إلا أن بعض الطلاب في عدد من المراكز أشاروا لصعوبة مادة الفيزياء لدرجة أن بعض الطالبات انتابتهن موجة من البكاء عند خروجهن من الامتحان واشتكى البعض من كثرة الأسئلة وتركيب عدد من الأسئلة في سؤال واحد .
تعاون لإسناد الطلاب والمراكز :
مع استمرار امتحانات الشهادة انتظمت حركة دؤوبة من عدد من الجهات بجميع الولايات في تعاون تام لإسناد المراكز والطلاب الممتحنين حيث انطلقت بوحدة دنقلا العجوز مبادرات لإسناد مراكز امتحانات الشهادة السودانية المؤجلة للعام ٢٠٢٣م .
وقامت جمعية الهلال الأحمر بعدد من المحليات بتغطية مراكز الامتحانات بمتطوعي الهلال الأحمر لتقديم خدمات الإسعافات الأولية والوجبات للممتحنين.
وتم تكوين لجان صحية لتهيئة المراكز ومراجعة أوضاعها الصحية وتوزيع معينات لتحسين البيئة في بادرة تعكس روح التكافل والتضامن المجتمعي .
وتم توزيع سلال غذائية لإسناد المراكز .
وتمثل الإسناد والالتفاف والسند الشعبي في مساهمة عدد من الجهات في ترحيل الطلاب الذين تأثرت مراكزهم بفيضان النيل الابيض في منطقة الجزيرة أبا للجلوس بمراكز وحدة عسلاية قبل وبعد جلسات الامتحان ، وشاركت جميع قطاعات المجتمع في تقديم الوجبات وتوفير وسائل النقل .
وبادر جهاز المخابرات العامة في عدد من الولايات بترحيل الطلاب بالتنسيق مع نقابة الحافلات .
الى جانب ذلك كانت مبادرات الإسناد للدعم المعنوي للطلاب وتشجيعهم لأداء الامتحانات بصورة جيده بمحلية الدلنج ، كما قدمت الشرطة المجتمعية بالوحدة مبادرة توفير مواد إنارة بالإضافة إلى مواد غذائية .
وقام عدد من الجهات بتوفير
وجبة معلمي وطلاب الشهادة السودانية بعدد من المراكز بالولايات المختلفة وساهم جهاز المخابرات بمحلية القولد في ترحيل الامتحانات إلى بعض المراكز وشاركت منظمات المجتمع المدني بتوفير الأدوات المكتبية والعصائر طوال أيام الامتحانات .
وأشارت تقارير الصحة بالخرطوم إلى إنه تمت معالجة ٨ ألف طالب وطالبة منذ بدء الامتحانات في الثامن والعشرين من الشهر الماضي.
ولم تحدث لهم مضاعفات ولم يتغيبوا عن أداء الامتحان.
وتمثلت الاعراض الأكثر شيوعا في هبوط الدورة الدموية، الصداع، الأزمة، الملاريا والانهيار العصبي.
شمس الحافظ (التعليم لا ينتظر) :
شمس الحافظ طالبة سودانية ضمن الطلاب الذين هيأوا أنفسهم للجلوس للامتحان بدولة تشاد ، تلقت هي وأسرتها صدمة بصدور قرار تشاد بحرمان الطلاب السودانيين من الجلوس للامتحان بدولة تشاد .
كانت قوة وإصرار وعزيمة شمس الحافظ دافعا لها لتخطي الصعاب وما كان منها إلا أن تتجاوز وتتخطى حواجز المكان وتسابق الزمن لبلوغ القمم وعبرت من دولة تشاد ووصلت لولاية نهر النيل للجلوس للامتحان بعطبرة .
واحتفت مدينة عطبرة والوسائط المختلفة بوصولها وجلوسها للامتحان وقهرها للظروف بقوة العزيمة والإرادة والتصميم وجسدت بالفعل الشعار الذي تم رفعه بشأن التعليم في ولاية نهر النيل ( التعليم لا ينتظر) .