عبد العظيم حسن المحامي.. يكتب.. دولة القانون.. نهاية الحرب [2]*
*من أصدق* الأوصاف التي وقفت عليها تشبيه أحد المغردين لحرب السودان بأنها حرب عالمية على شعب طيب. مكمن اتفاقي مع التغريدة في أن كل الجهات المحلية والإقليمية والدولية التي ولغت في هذه الحرب، ليس لها معرفة حقيقية بالسودان والسودانيين. بدافع الطمع في مواردنا والجهل بمعدننا ساهموا جميعاً بإلحاق أبشع الأفعال بشعب لا يستحق إلا الإكرام. الحقيقة المؤلمة أن هذه الحرب لن تضع أوزارها ويعم السلام ما لم يجلس أصحاب الوجعة داخل وطنهم مناقشين أسبابها وإيجاد حلولها بمنأى عن أي تدخل إقليمي أو دولي.
*الثابت* أن الحروب الداخلية أسوأ من المواجهات المسلحة لعدو خارجي. فالأخيرة، مهما تطاولت، تصنف قصيرة لكونها توحد كل الأمة ضد الأجنبي. بالمقابل الحروب الداخلية مهما قل أجلها تظل حاملة لجينات الصراع فتنكأ الجرح من وقت لآخر. إذا كان معظم المحللين يرون أن الحروب الداخلية لا تنتهي إلا بالصلح بين أطرافها الحقيقيين، فلحرب السودان خصوصية أن من إشعلوها فئات قليلة ومأجورة لا تمثل الغالبية.
*كل الإحصائيات* تكشف أن أكثر من تسعين بالمائة من السودانيين غير منضوين لأحزاب أو حتى ممارسين لحقهم الدستوري في اختيار قياداتهم السياسية. استمرار هذا الواقع أدى وبصورة مباشرة لاختطاف كل الثورات وحتى الحروب. للخروج من هذا النفق لابد من اشتراك الأغلبية في صناعة السلام الحقيقي. جاء وقت انبراء الجماهير لتقرير المصير وممارسة حق اختيار من يقودها للخروج من هذا الهوان. بجانب ذلك، وبغض النظر عن الأعذار، تجاوزنا الوقت الأصلي والزمن بدل الضائع لاعتزال من أوصلوا الشعب لهذا الدمار مع إخضاعهم للمساءلة. بالطبع ليس هناك مساحة لمزيد الانتظار وإنما حصراً المضي في تسمية وتقديم كفاءات وطنية غير منتمية لعلاج هذا الفشل. بخلاف ذلك فإن هذا الفراغ المترتب على الحرب سيسده عناصر النظام البائد وأشباههم من سماسرة السلطة أو ممن يجوز وصفهم بشعب كل حكومة. بالمقال القادم سنتناول كيفية اختيار كفاءات مرحلة ما بعد الحرب.