مهد الحروف
د.هيثم حسن عبد السلام
خبير شؤون المستهلك
mismawia@yahoo.com
(المعبأ دا إحنا وين نلقى )
انفرجت أساريري وتهللت فرحاً وأنا أتابع تصريحات وزير المالية والتخطيط الاقتصادي خلال المؤتمر الصحفي خلال الأسبوع المنصرم بقاعة جهاز المخابرات ببورتسودان وقال فيها : (إن توفير مواد التعبئة بصوره عامة لكل منتجات السودانية بدأ من اللحوم والأسمدة لإضافة قيمه تسهم في جعل الميزان التجاري مرجح لصالح الدولة وليس سالب) – انتهي التصريح- .
ومنبع فرحي أن هذا التوجه الجديد هو غاية ما يتمناه الاقتصاد السوداني وهو في ذات الاتجاه الذي يحفظ حقوق المستهلكين ، وهو ما ظلت تدعو له الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس فمنذ العام 2001 أطلق الراحل المقيم العالم القانوني المؤسس د عبد القادر محمد عبد القادر مشروع تطبيق مواصفة التعبئة والتغليف لسلعة الشاي وعدد من المنتجات الأخرى ، وكانت وقتها تباع العديد من المنتجات في شكل (سائب) ومازالت للاسف في بعض الأسواق تمارس نفس السلوكيات الخاطئة وأحسب أنه مع مرور الزمن ستختفي.
نجحت الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس في وضع مواصفات قياسية لمواد التعبئة والتغليف للمنتجات المحلية وكذلك لسلع الصادر عبر خبراء وطنيين في اللجنة الفنية لمواد التعبئة والتغليف ، وكذلك اللجنة الفنية لفترات صلاحية المواد الغذائية ، حيث تكامل عمل اللجنتين في إيجاد (كبسولة) حماية للسلع والمنتجات وضمان وزن غير منقوص.
ونجحت الهيئة في التطبيق وإلزام المنتجين والمصدرين بتطبيق الاشتراطات الخاصة بالتعبئة والتغليف كما أنها استطاعت بحملات توعية وتثفيف ( وكنت شاهداً ومنفذاً لها) بتغيير مفهوم المستهلكين تجاه السلع المعبأة مسبقاً ، فقد وفرت سبل الأمان والصحة والسلامة فضلاً عن كونها وفرت سلع ومنتجات بعبوات ذات مقاسات مختلفة وعلى قدر استطاعة المستهلكين الشرائية (قدر ظروفك) ودونكم عبوات البقوليات وزيوت الطعام والسكر والشاي والطحنية والدقيق والصلصة والألبان وغيرها كثير مما تمت عليه التعبئة المسبقة.
كما مضت الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس في تعزيز حماية المستهلكين بوضع اشتراطات خاصة لأماكن إعادة تعبئة المواد الغذائية وفق شروط فنية وصحية تضمن صحة وسلامة الناس ، وجعلت من الرقابة الدورية عليها مخططاً ثابتاً .
خيراً فعلت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي في بداية العام المالي الجديد أن تخرج لنا بمثل هذا التصريح ذو البعد الاقتصادي الذي أحسب انه توجه سيدفع نحو عافية اقتصادنا ، كما أنه سيكون له المردود الإيجابي الكبير لصالح المستهلك السوداني ، (فالمعبأ ده) هو المطلوب في هذا الوقت ، وهنا تذكرت مطلع الأغنية الشهيرة ( المدلل ده تاني وين نلقى) فلحنها الجميل يتطابق مع أمنيات وتطلعات المستهلك السوداني الذي يحلم باقتصاد مستدام لمرحلة مابعد الحرب التي انتهت بنصر الله لنا في كل محاور القتال ، وكأني بكم ترددون الآن كلمات الأغنية والدمع من أعينكم ينزل فرحاً ومع ابتسامة كبيرة : (المعبأة ده إحنا وين نلقى) ، فشكراً للسيد وزير المالية والتخطيط الاقتصادي على هذا الأمل الموعود ، وإن أردت سرعة تحقيقه فصوب نحو الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس فهي بوابتك والسودان نحو العالمية.