سياسيمقالات الرأي والأعمدة

د. مهندس نجاة الامين عبدالرحمن تكتب إنتزاع الشرعية ام المشروعية ام شرعية الثورة؟

من دفتر مقاربات ومقارنات
إنتزاع الشرعية ام المشروعية ، ام شرعية الثورة؟
قصاصات:
من مراجع العلوم السياسية
————————
دكتور مهندس/ نجاة الامين عبدالرحمن

ليس كل حالة ثورية تؤدى الى ثورة ، و الثورة مستحيلة دون وجود حالة ثورية ،و قيام الثورة لابد لها من شروط موضوعية ، فاذا ماتوفرت هذه الشروط فاننا بالطبع سنكون امام ثورة حقيقية ، ستسقط النظام ، فالثورة لا يمكن تصميمها او صياغتها فى شكل مصطنع اذا لم يكن الشعب على استعداد لذلك وهذا هو اهم شرط موضوعى لقيام الثورة الحقيقية ، وهى كذلك حركة سياسية فى البلد ،حيث يحاول الشعب اخراج السلطة الحاكمة اى تحول سريع وجوهرى، لدولة ما ، فهى محاولة تغيير الانظمة السياسية والتعبئة الجماهيرية الكبيرة ،وبذل الجهود لفرض التغيير من خلال وسائل غير مؤسسية”كالمظاهرات الحاشدة او الاحتجاجات او الاضرابات او العنف ” ،كما للثورة شروط موضوعية ،كذلك لها شرعية والشرعية هى القبول او الاعتراف الشعبى من جانب السلطة العامة لنظام الحكم ، بحيث تتمتع السلطة بالقوة السياسية من خلال الموافقة والتفاهم المتبادل وليس بالاكراه، فهى “قيمة ” بحيث يعترف بموجبها بشئ او شخص، ويقبل على انه صحيح وسليم ، فالشرعية كذلك مسالة ضمن اطار سياسى تعنى حيازة الامر على الشرعية اى اكتسابه الاطار القانونى لصيغة عمل معينة قد تكون سياسية، او ادارية ، او اقتصادية،بهذا تكون الشرعية عبارة عن مصطلح سياسى ، متعلق بالاسلوب والاداء الذى يستخدمه الشخص او المؤسسة او الحزب يساعدها فى الوصول للحكم ،فهى لا تكون مخصصة او محتكرة لهئية معينة او حزب محدد او شخص ما او مؤسسة بعينها او قوى سياسية محددة او تجمع احزاب فى شكل كتل او تجمعات مهنية معينة ،فالشرعية مفهوم ذو مستوى ادارى مماهو قانونى اى” الشرعية “يمكن تكوينها من خلال فرض قواعد معينة ، ماخوذة من تجارب حضارية انسانية ،وشرائع دينية كمبدأ الموافقة والعدل والشورى والانتخاب، وتعتمد على اشتراك كافة المعتقدات والمبادئ لنظام الاختيار الحر ” الانتخاب ” ، من قبل جميع المواطنين مباشرة للحكومة والرئيس او الملك الى فترة زمنية معينة ومحددة وهكذا ” تداول السلطة الرسمى او السلمى” ، وعليه يمكن ان نعرف شرعية الثورة هى مفهوم سياسى لها سلطة محل رضا وقبول عام بين المحكومين وكمصطلح فهى الاسلوب والاداء الذى يستخدمه الشخص او المؤسسة او الحزب ليساعدها فى الوصول للحكم و تكتسب الثورة شرعيتها بمجرد توافر اسباب ودوافع قيام الثورة وهى توفر الشروط الموضوعية ومنها على سبيل المثال: استعداد الشعب والزيادة الكبيرة لنشاط الجماهير، وازمة الطبقة العليا الحاكمة اى ان تكون الحكومة غير قادرة على التعايش مع المحتحين لحد ما اى انعدام امكانية الحفاظ على الحكم كذلك ازدياد بؤس الطبقات المضطهدة اكثر من المعتاد ، وهذه الشرعية تبرر فقط عملية اسقاط النظام السياسى السابق فقط،فهى ليست وسيئلة للحكم فهى لاضفاء مظلة معقولية الثورة اثناء الحراك الثورى مع النظام القائم قبل سقوطه، ومن المعلوم بالضرورة ان الثورات لها بداية ولها نهاية وهذه النهاية لاحد يعلم او يتنبأ متى ستنتهى ولكن من المعلوم سيتم اعلان انتهاء الحراك الثورى ، بسقوط النظام القديم لتبدا شرعية الثورة التى هى فى مفهومها كما اسلفنا انها “قيمة ” ، وهى تنتمى للثقافة وليس للسياسة فى البداية، لان الشرعية عادة ترتبط بمقدس له قبول قد يكون هذا المقدس ،دينى -بطولى -ملحمى وهذه بداية الشرعيةو هى تعبر عن ارادة شعبية ، موحدة او شبه موحدة لاسقاط الانظمة القائم ، ومن المثبت وبما لايدع مجالا للشك ، فان الشعب الثائر او المنتفض بثقافته الاجتماعية والدينية ،يعتبر هو اساس ومرجعية شرعية الثورة ، فبسقوط النظام القديم تكتمل شرعية الثورة ضمن اطار سياسى وحيازة الامر على الشرعية اى اكتسابه الاطار القانونى لصيغة عمل معينة قد تكون سياسية او ادارية او اقتصادية ،او قانوية وباكتمال كل صيغ عمل شرعية الثورة المتمثلة فى سن دستور جديد “وثيقة دستورية” اوالابقاء على دستور النظام السابق المخلوع او اصدار صيغ لاوامر او مراسيم دستورية تنص على شكل ونظام وفترة حكومة الثورة او الانتفاضة، التى سيحكم بها الثوار او ممثلى الشعب حكومة الثورة لفترة محددة بالدستور او مانصت عليه الوثيقة الدستورية، وانه وبمجرد تسلم الثوار او ممثلين الثورة من الحكومة السابقة ، تكون شرعية الثورة حققت الغاية وامل الثوار والشعب بتكوين حكومة انتقالية ” حكومة الثورة” او حكومة تصريف اعمال لفترة محددة ، ومن المعلوم بالضرورة ان فترات الحكومات الانتقالية او تصريف الاعمال بعد التغيير اى بعد ازاحة النظام القديم لا يجوز اطالة فترتها اكثر من العام او العام والنصف ، وبنهاية الفترة المنصوص عليها لحكومة الثورة ، لتبدأ بعد ذلك فترة مايعرف بالمشروعية وهذه تعرف بانها جميع القرارات ، والاجراءات الصادرة من الشخص او المؤسسة او الحزب الذى حصل على الشرعيةمعتمدا على ، نظام الاختيار المباشر الحر “الانتخابات ” وبذلك يكون الاداء ،يعتبر مشروعا فى جميع الحالات سواء كان هذا الاجراء او القرار الذى تم الموافقة عليه يعود ،اصله الى توفير الخدمة لكافة المواطنين والدولة ، ويلزم ان تكون هذه كلها متناسبة مع القوانين ، التى فرضتها الدولة لكى تكتسب وتتلام مع الحجية القانونية ، كما يشترط ان تخضع للمحاسبة القانونية والمراقبة العامة من قبل هئية مستقلة ، لا تكون تحت سيطرة حزب او شخص او هئية ..الخ..بذلك يكون مفهوم المشروعية قانونى وفى مقارنة بسيطة بين الشرعية والمشروعية وقبل المقارنة نلفت “انتباه” مدعى السياسة الى ان ماسبق من مقال وماسياتى من بعده هو درس “عصر” بكسر الصاد وفتح “العين ” .. هلأأأ.. فهمتم ؟! الى المقارنة حيث نجد بينهما اختلافات منها .
– مرجعية الشرعية تعود الى ثقافة الشعوب الاجتماعية والدينية اما المشروعية فمرجعيتها تعود للقانون.
– الشرعية هى شكل فقط اى ” جامدة” اما المشروعية فهى المحتوى اى هى ” الروح” اى حيوية .
ونشير الى ان سلطةالشرعية التى اكتسبتها من الحراك الثورى او الشعبى فهى تكتمل او تكمل بالمشروعية المورد الطبيعى لسلطات الشعب فهذه الاخيرة “المشروعية” هى الروح النابضة وهى التى يحتكرها الشعب فكل دساتير العالم تنص “الشعب مصدر السلطات” ، والسؤال الذى يطرح نفسه كيف يمكن اعادة مشروعية حكومة دولة ما، رغم تمتع هذه الحكومة بالشرعية واعتمادها فى سلطتها على الدستوراو الوثيقة الدستورية ؟ للاجابة على هذا السؤال نعم يمكن اعادة المشروعية لهذه الحكومة المستمدة شرعيتها من الدستور او الوثيقة الدستورية وذلك عبر وسيلتين لا ثالث لهما الوسيلة الاولى:
هى اعادة اكتساب الشرعية الناقصة او الموقوفة لاى من الاسباب و منها على سبيل المثال : عدم مقدرة الحاكم بالوفاء بمتطلبات المحكومين من باب “مبدأ لا سلطة للشرعية دون مشروعية” وذلك باللجؤ الى الحراك الثورى ..او التوافق اى اعمال مفهوم “القيمة” الرضا والقبول بين الحاكم والمحكوم . اما
الوسيلة الثانية:
فهى مايعرف بالامر الطارئ وهو اعلان اجراء الانتخابات المبكرة فى البلاد برقابة دولية.
وعليه لابد من توضيح حقيقة مهمة وهى ان الشرعية لها بداية ولها نهاية فبدايتها كما اسلفنا هى “قيمة” تاتى من مرجعية ثقافية عبارة عن “رضا وقبول ” الجميع والمشاركين والمؤيدين للحراك الثورى الذى يعطى او يكسب الثورة او الانتفاضة الشرعية ، وتجدر الاشارة الى ان الحراك الثورى هو الذى ياتى بالشرعية وهو كذلك يفضى الى “الثورة الشعبية” او الانتفاضة الشعبية ، التى تاتى بالحكومات المنتخبة “المشروعية” لا كما يزعم هولاء مدعى السياسة الذين يصيحون ويصرخون الان بانهم يريدون ان ينتزعوا شرعية “حكومة الثورة الانتقالية” بافواهم وبندقية المتمرد الباغى القاتل الناهب السارق بمبرر ان حكومة الثورة فعلت “انقلاب” اكرر “انقلاب” وان مايسمى “بالاتحاد الافريقى” قد جمد عضوية حكومة ثورة ديسمبرالانتقالية بسبب هذا “الانقلاب المشؤم” على حد زعمهم وهم يعلمون علم اليقين الفرق مابين الانقلاب والثورة فالاول ياتى محمولا” بالسلاح “اكرر” السلاح” لا الوثيقة الدستورية وهو الذى يقوض الدساتير والاخيرة “الثورة ” تاتى بالحراك الثورى وحماية الدستور او الوثيقة الدستورية .. “عجبى !” كأن مايريدون فعله من انتزاع لشرعية حكومة ثورة ديسمبر2019م “شرعى!..اكرر شرعى !..” وكأن الاتحاد الافريقى وايقاد مكافحة الجراد والصحراء وماشابهم هم الذين يمنحون او يكسبون الشرعية لحكومات الدول .. “عجبى !” والسؤال الذى يطرح نفسه هل هولاء الذين ينادون بانتزاع الشرعية يقدرون على فعل حراك ثورى كحراك ثورات السودان العظيمة “اكتوبر -انتفاضة رجب ابريل – ثورة ديسمبر ” ليفضى حراكهم”خرابهم” الى ثورة شعبية او انتفاضة شعبية، يستطيعون بها انتزاع شرعية حكومة ثورة ديسمبر2019م ؟ للاجابة على هذا السؤال وسريعا ودون جهد او اجتهاد ،لا احسبهم يقدروا على تحريك اقدامهم “تقدمهم” قيد انملة!..والمثير للدهشة..! ان الذين ينادون بانتزاع الشرعية “قانونين..! ولكن للاسف تنقصهم الامانة العلمية ، لامتهانهم لعبة السياسة القذرة”..يدعون السياسة وهم لا يفرقون ما بين الشرعية والمشروعية ، فالنصح والنصيحة لهم ان يذهبوا لمراجعة دروس علوم السياسة والقانون الدستورى ، ومعرفة كيفية انتزاع السلطات والشرعية والفرق بين الشرعية والمشروعية ، والحذر كل الحذر من الخلط مابين مفهوم الشرعية واكتسابها لحكومات الدول ، ومابين تايد المجتمع الدولى ، ونشير ونحذر الى ان مدعى السياسة هولاء لهم اساليب وبدع ضألة ومضللة ، بقصد تغبيش عامة الناس خاصةفى استخدامهم لمصطلح “تنازع” وهو اجراء قانونى بحت ويعنى لدى خبراء القانون تحديد او اختيار اى القوانين الانسب للحكم فى الواقعة محل النزاع ، وبين ما يستخدمه علماء وفقهاء الشريعة فى” انتزاع ” الشرعية من باب اصول الفقه والدين والمقارنة والقياس بين فقه العقود، والفقه الاسلامى، والفقه الوضعى ، و من باب المفيد المختصر نفيد ان “انتزاع الشرعية” وللعلم فهى تفيد احكام التشريع فى فقه العقود وعقود الملكية “بكسر الكاف” فى احكام التصرف بين المالك والمملوك ،فى الشئ او فى البيع والشراء ، او الولى والمولى ، والاهلية والصبى المميز ، وغيره من الاحكام فى اصول الفقه والتشريع، لبيان احكام انتزاع الشرعية فى امور الانتزاع التى تنزع الحكم التكليفى ..وليست كفهم مدعى السياسة وتصورات عقولهم الناقصة واقتباساتهم المختلة لمفهوم انتزاع الشرعية كأنه ” انتزاع الملك وحكم الدولة ” ومابين تنازع الشرعية والسلطات التى يتشدق بها مدعى السياسة مشتهى السلطة، وابصم “بالعشرة “فان هذه الاخيرة هى التى يقصدونها و يهددون “حكومة الثورة ” ويحاكون بمنادتهم هذه “تنازع الشرعية” كما حدث من قبل من تهديد لحكومة اليمن 2011م فيما يعرف ب”تنازع الشرعية” او انتزاع الشرعية .. التى صارت او”صيرت ” بسببها اليمن الى ماهو عليه الان .. وما اشبه ما دارمن قبل ..ومايدور الان من تغييرات “حميدة وغير حميدة” فى “سياسات” حكومات بعض الدول وخاصة التى اجتاحتها ثورات “الربيع العربى” ومايدور بوطننا العزيز اليوم ، تسلمى ياأأأبلادى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى