*دولة القانون* *لجان تقصي الحقائق [1]* بقلم.. المحامي الأستاذ عبد العظيم حسن
في ضوء ما اقترفته مليشيات الجنجويد بحق الشعب السوداني، لا يجوز لمن له أدنى دراية بالقانون أن يساوي بين جرائمها ومخالفات القوات المسلحة. وقبل أن انتقل لبيان الأسباب يقع على السودانيين الشرفاء بيان الموقف لتتبناه الأجهزة الرسمية. فالسودانيون هم من عايشوا الحرب وشهدوا ووثقوا فظاعات المليشيا بحقهم. الصمت وغياب الموقف الشعبي من هولاء المجرمين سيوفر الغطاء للخطة الرامية لإبقاء هذه المليشيا سياسياً وعسكرياً بدعم إقليمي ودولي.
بالعودة للأساسيات التي تجعل من الجرائم التي أرتكبتها مليشيات الجنجويد واستغراقها لكل ما يجب أن تساءل عنه القوات المسلحة، فإن ذلك يتطلب التأسيس للقواعد القانونية الآتية: *الأساس الأول*: طبقاً للقوانين السارية فإن قوات الدعم السريع تخضع ويجب أن تخضع للقوات المسلحة، ولا يجوز للدعم السريع الخروج على المؤسسة الأم مهما كان الرأي فيها. بغض النظر عن تعدد الروايات عن من أطلق الرصاصة الأولى، فليس هناك ما يبرر تمرد المليشيا أو توجيه آلتها العسكرية لجندي أو مواطن سواءً قتلاً أو سحلاً أو نهباً أو اغتصاباً. كل الملابسات السابقة واللاحقة للحرب كشفت أن ما قام به الدعم السريع تصعيد لاستلام السلطة بالقوة. بفشل الانقلاب تحول الهدف من سياسي لعقاب جماعي. في سياق تنفيذ المخطط تجلى الدعم المحلي والدولي والإقليمي لهذه القوات وذلك من خلال الإمداد الضخم، فاحكمت الخناق على كل القوات النظامية بما فيها المؤسسة الرسمية. *الأساس الثاني*: ضمن كل القوانين والشرائع يُصنّف ما قام به الدعم السريع جريمة عظمى تستغرق أي فعل لوأد الجرم وإخماده. بعبارة أخرى، التمرد الذي مارست فيه المليشيا جرائم الحرب والإبادة الجماعية والتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية بشكل واسع النطاق يفوق، وبالضرورة، أي مخالفات لوقف هذا العدوان. يصح هذا الإطلاق بالذات في ضوء ما بدر وتزامن مع التمرد من عمليات اقتحام لبيوت المواطنين وطردهم منها وما صاحب ذلك من عمليات قتل واغتصاب واسعة بدأت من أحياء كافوري وشرق النيل وتمددت لأي منطقة وصلتها تلك المليشيا. قوات الدعم السريع وبعد الفشل في استلام السلطة تفرقت لعصابات ضالة مبررة سلوكها الهمجي بفرض الديمقراطية وملاحقة المواطنين تحت ذريعة محاربة فلول النظام البائد. *الأساس الثالث*: رغماً عن الإضعاف الممنهج الذي خضعت له كل مؤسسات الدولة المدنية السودانية، بما فيها القوات المسلحة، وإصرار جهات مدنية عديدة لإقحامها في العمل السياسي، إلا أن هذه المؤسسة وقع عليها، والشرفاء من جنودها، واجب الدفاع عن النفس والمواطن الأعزل. بالله عليكم كيف كان سيكون الحال لو نجح الدعم السريع في انقلابه، وتسنى لحميدتي أن يستلم السلطة تحت قبضة هولاء الأوباش؟ *الأساس الرابع*: الثابت نزوح ملايين السودانيين للمناطق الآمنة التي تحت سيطرة القوات المسلحة. مطلقاً أي منطقة دخلها الدعم السريع أو حاول اكتساحها هجرها سكانها بمن فيهم الداعمين للمليشيا. لكونها تدعي المهنية، فالقانون الدولي يلزم الدعم السريع بحماية المدنيين الخاضعين لسيطرته. الواقع أن هذه القوات، وبقوة السلاح هجّرت المواطنين متخذة من بيوتهم ومقار أعمالهم ثكنات عسكرية. لم يتوقف سلوك المليشيا عند هذا الحد بل قتلت الرجال وسبت النساء وسلبت الطعام والأموال والمقتنيات. طبقاً للقاعدة القانونية المقررة وعلى رأسها مبدأ الدفاع الشرعي، يجوز استخدام القوة اللازمة والمتاحة لرد العدوان. *الأساس الخامس*: ما كان لقوات الدعم السريع أن تستبيح الفظاعات وتقذف البيوت والمستشفيات لولا وجود حواضن سياسية وإعلامية ظلت تبرر لتصرفاتها. ذات الجهات التي وفرت الدعم اللا محدود كشفت عن الخطة البديلة للحفاظ عليها بذريعة التمسك بإدانة الطرفين المتحاربين. منذ بداية الحرب كان واضحاً أن قوات الدعم السريع يتم استخدامها لفرض أجندة أو لتكون وسيلة عقاب الشعب حتى يخضع للمقررات الإقليمية والدولية مهما كلف الأمر، ونواصل.