إبر الحروف عابد سيد أحمد يكتب فى الجزيرة … من رأى ليس كمن سمع (7)

إبر الحروف
عابد سيد أحمد
فى الجزيرة … من رأى ليس كمن سمع (7)
* ومشهد المدير التنفيذى لمحلية مدنى الكبرى عادل الخطيب وهو جالس على كرسى وامامه تربيزة متهالكة وخلفه مدخل رئاسة محليته المنزوعة حتى بوابتها ولافتتها الخارجية ليتصدى لمطلوبات التحدى مشهد يذكره الناس هناك ويتحدثون عنه
* والخطيب فعل ذلك بعد أن وجد نفسه فى الأيام الأولى التى أعقبت التحرير مواجه بتحديات كبرى فى ظروف معقدة وصعبة
* تحديات تتطلب منه أن يفعل الكثير وهو لا يملك غير عزيمته وحوله ثلاثة ضباط إداريين فقط و خلف تربيزته اطلال محلية ليس بها ابواب ولا نوافذ ولا مراوح ولا حواسيب ولا كرسى يمكن أن يجلس عليه أحد فالمليشيا سرقت منها كل شى وأبقت فيها فقط مخلفات جرائمهم البشعة
* وهكذا لم يجد الخطيب بد من الجلوس أمام البوابة لمواجهة أمر تنظيف المدينة وإزالة مخلفات الحرب والعمل على تطبيع الحياة استباقا لعودة الناس
* ويحمد له عدم استلامه للظروف وغياب الامكانيات وعزمه على ان يكون قدر التحدى الشئ الذى دفعه لتشكيل فريق بالعدد المحدود حوله ليبدأ به العمل بتنظيف رئاسة المحلية حتى يتمكن من الدخول إليها والعمل من داخلها
* وكان المهم عنده أن يبدأ وبالفعل دخلوها وعملوا من داخلها حيث لا كهرباء ولا ماء ولا حاسوب أو ترابيزة أو اى أداة عمل
* ومع كل هذا مطلوب منهم التصدى للتحدى الأكبر المتمثل فى إزالة النفايات من الطرقات والأسواق وإزالة مخلفات الحرب من السيارات المدمرة بالطرقات وأمام البيوت بإمكاناتهم المعدومة ولكنهم وبشعارهم المبدى متموم سارعوا باستعادة عربتى نفايات للمحلية نجوتا ليلة سقوط ودمدنى بنقلهما إلى القضارف وكسلا والتى بدوا العمل بها
* ليجد هذا الإصرار التجاوب من كثير من المواطنين الموجودين فى مدنى والتجار وغيرهم والذين شاركوا محليتهم فى عمليات النظافة التى بدأت بالشوارع الرئيسية ثم انتقلت للاسواق
*
* بجانب تفاعل من هم من خارج مدنى ومن غير المحلية ولكنهم من أهل الولاية الذين الذين يحبون حاضرتهم فجاءت مبادرة منطقة القصيرة التى كانت تدفع يوميا بمائة شاب لنظافة شوارع مدنى واسواقها والمساعدة فى نقل المخلفات
* ووسط هذه العزيمة من المحلية ظل تزايد التفاعل الشعبى وتزايد امكانيات العمل بتبرع مواطن بقلابات ولودر واليات ومعدات نظافة
* ومع زيادة الاليات جاء الانتقال للسوق فى أكبر معركة لإزالة الأجسام الغريبة والانقاض المتراكمة بواسطة لجنة مختصة وجاءت مساهمة وزارة البنى التحيته فى نظافة الطرق
* وكانت النقلة الكبرى فى ملحمة نظافة المحلية وتطبيع الحياة فيها بالمبادرة الكبرى من ولاية النيل الابيض التى دفعت بآليات وفرق عمل نظافة ومياه وتجميل وصحة مبادرة أسهمت كثيرا فى تغيير الحال بالمساهمة مع المحلية فى نظافة شارع النيل وإعادة العمل بالاسواق وصيانة مولدات الطوارى بالمستشفيات وفى الكهرباء وفى طلاء واجهة المحلية وكورنيش النيل
* وبالمبادرة هذه و جهد المحلية الكبير والمساهمات الشعبية التى كانت هنا وهناك تم تغيير وجه المدينة قبل العودة الطوعية للمواطنين
* وبعد نجاح المحلية فى تجاوز التحدى الكبير والعون الذى هياه لها الله وجدت نفسها فى مواجهة تحدى استقبال العائدين الكثيرين عبر العودة الطوعية من ولايات البلاد الامنه ومن مصر فتجاوزته أيضا باستقبال العدد الكبير من البصات وضيافتهم ووقوفها بجانب المقاومة الشعبية ولجنة الإسناد فى تقديم العون الممكن لهم وللراكزين طوال الحرب بالمدينة
* و كان لبعض المنظمات دورها المشهود فى الدعم والتى من بينها منظمة إضافة التى يقول الخطيب المدير التنفيذى للمحلية انها تدعم ١٩ ألف أسرة شهريا بمواد اغاثة وشهدت مدنى قبل ايام دعمها بحضور الامين العام للحكومة الأستاذ مرتضى البيلى
* وكان لجهاز المخابرات العامة وللتأمين الصحى ادوار كبيرة فى عمليات رش الباعوض بالمحلية
* لتبدأ المحلية بعد تجاوزها لتحدياتها فى ترتيب أوراقها لتعيد العمل فى وحداتها الإدارية وتعيد موظفيها وضباطها الاداريين الذين هاجروا وهذا مايتم حاليا
* لنقول ان ماقامت به المحلية فى ظل هذه الظروف لمواجهة تحدى ضخم لم يوفر لها فيه الامكانات اللوجستية والبشرية والمادية كان اعجازا يجعلنا نرفع لها القبعات تحية واحتراما ونشد على يديها كما فعل الوالى لقهرها الصعاب وتحقيق النجاحات التى يؤكدها واقع المحلية أمام الاعين الان والتحية لروح أهل الجزيرة وجارتهم النيل الابيض الذين جعلوا جميعهم المستحيل فى ظل ظروفه ممكنا