طه هارون حامد يكتب “أزمات السودان: من الواقع إلى الأمل المفقود”
طه هارون حامد يكتب “أزمات السودان: من الواقع إلى الأمل المفقود”
منذ عدة سنوات، أصبح السودان مسرحًا لمجموعة من الأزمات المتشابكة التي أثرت بشكل مباشر على حياة المواطن السوداني. سيول وفيضانات، حروب أهلية، نزوح وتشريد، تلوث بيئي، انقسام مجتمعي، وانقسام وجداني وتدني اخلاقي واساليب دخيله علي المجتمع السوداني وعبارة غير لا ترتقي الي التداول بين الناس وغياب الوازع الاخلاقي والديني وأزمات اقتصادية خانقة، كلها ظواهر قد تكون مترابطة أو ناتجة عن بعضها البعض. لكن في قلب هذا المشهد المأساوي، يظل هناك سؤال مهم: كيف وصلنا إلى هذه النقطة؟ ولماذا يعاني السودان من هذه الأزمات المترابطة؟ وهل هناك أمل في الخروج من هذه الدوامة التي لا تنتهي؟
الفيضانات والسيول:
في الأعوام الأخيرة، أصبحت السيول والفيضانات من الظواهر الطبيعية المتكررة في السودان، خاصة خلال موسم الأمطار. تلك الفيضانات التي تعصف بالمنازل والمحاصيل الزراعية، وتؤدي إلى تشريد الآلاف من الأسر، لم تعد حادثة نادرة، بل أصبحت سمة من سمات الواقع السوداني. ورغم أن الطبيعة تلعب دورها في هذه الكوارث، فإن التدهور البيئي، وزيادة معدلات التعرية التي تسبب فيها الانسان نفسه للاسف وقلة شبكات الصرف الصحي الحديثة، من العوامل المساعدة على تفاقم تلك الأزمات.
الحروب والنزوح:
لا يخفى على أحد أن السودان كان وما يزال يعاني من صراعات داخلية وحروب أهلية مستمرة في بعض مناطقه وامتدت اثارها الكارثية علي كل ربوع السودان من نقص في الخدمات الاساسية وعدم الامن والهلع . من دارفور إلى جنوب كردفان والنيل الأزرق، مرورًا بالحروب السياسية والعسكرية في العاصمة الخرطوم. هذه الحروب أسفرت عن نزوح ملايين من المواطنين، ما جعلهم يعانون من حياة ضنك واسر لا حول ولاقوة لها الا بالله واخري مشردة، بلا مأوى أو أمل في العودة. تزامن ذلك مع انتشار الجماعات المسلحة، وتفشي الانقسامات العرقية والاثنية والطائفية والمناطقية مما خلق بيئة من الفوضى والدمار.
خطاب الكراهية والتضليل:
أصبح خطاب الكراهية يشكل تهديدًا آخر للسودان. خطابات التحريض والعنف باتت تزداد على منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، مما يؤدي إلى التنمر وارتفاع حدة التوترات بين مختلف الفئات الاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، لا يمكننا إغفال انتشار المعلومات المضللة التي تعزز من الانقسامات وتزيد من الصراعات الداخلية، مما يصعب الوصول إلى حلول سلمية بدون وعي جمعي عالي وصدق وصدق نوايا
التلوث البيئي والانقسام المجتمعي:
التدهور البيئي الذي يعاني منه السودان اليوم هو نتيجة لتراكم سنوات من الإهمال وسوء الإدارة. الغابات التي كانت في يوم من الأيام مصدراً للحياة، تم تدميرها بسبب القطع الجائر للأشجار،وتوليها الي حطب للطبخ وتجارة. ملحية وعابرة الحدود . مما أسهم في تغير المناخ وزيادة التصحر. هذا إلى جانب تلوث المياه والهواء الذي أصبح يؤثر على صحة والمشكلات الصحية الاخري من جراء التعدين العشوائ .
أما الانقسام المجتمعي، فقد تحول إلى حقيقة واقعة. الصراعات الطائفية، والانقسامات السياسية، وتعزيز الولاءات الجهوية قد عمقت الجراح في النسيج الاجتماعي السوداني، ما يجعل التعايش بين مكونات المجتمع أمرًا صعبًا. خاصة في ايام الانتقام واخذ الثار . السودان يعاني من فجوة عميقة بين الشمال والجنوب وهذا رد فعل لماحدث في الجزيرة ، وبين الشرق والغرب، وبين المدنيين والعسكريين، مما يزيد من تعقيد الحلول.
الحرب المتجزرة:
الحرب في السودان ليست مجرد صراع على السلطة أو الموارد، بل هي صراع ممتد عبر الأجيال. الصراع في السودان هو نتاج لعقود من الظلم الاجتماعي والسياسي، وصراع طويل من أجل الحقوق والعدالة. ولذلك فإن الحلول السطحية (وسياسة الترقيع لا تجدي في الحلول المستدامة في هذا الزمن )لم تعد كافية. فإن الحرب المتجزرة لا تنتهي إلا إذا تم حل الأسباب الجذرية لها: الفقر، الظلم، والتهميش وتدني الخطاب السياسي وعدم تسويق للعبارات السوقيه والرجوع ربنا سبحانه وتعالي وتذكير بيوم الحساب
عندما يعيش الناس في صراع دائم، ويتجاهلون القيم الإنسانية والمبادئ الدينية التي تدعو إلى العدالة والمساواة، يبدأ التدهور الاجتماعي والإنساني. غياب مخافة الله في القلوب، والتكالب على الدنيا بكل الطرق، يزيد من معاناة الناس ويمهد الطريق للظلم والاستبداد. في هذا السياق، يجب على الأمة السودانية أن تتذكر ، وأن تدرك أن ما يحدث في الدنيا ليس إلا مرحلة، وأن هناك مسؤولية كبيرة أمام الله سبحانه وتعالى في كل قول وفعل.
ختامأ:
إن الأزمات التي يواجهها المواطن اليوم هي نتيجة لمجموعة من العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية. ولكن، رغم كل هذه التحديات، يظل الأمل ممكنًا.و يحتاج السودان إلى تجديد العهد مع السلام، إلى استعادة الوحدة الوطنية، والعمل على بناء بيئة سياسية تحترم حقوق الإنسان، وتعيد إعمار ما دمرته الحروب والكوارث.
ويجب على جميع الأطراف المعنية أن تعمل من أجل تحقيق الاستقرار والعدالة، وألا تنسى أن هذا البلد يمر بمرحلة مفصلية قد تحدد مستقبله. يجب على الشعب السوداني أن يتذكر أن التغيير لا يأتي إلا من خلال الالتزام بالقيم الإنسانية والإيمان بالله، وأنه لا بد من وقفة جادة لتصحيح المسار قبل أن تستفحل الأزمات أكثر.
ونواصل