حوارات وتقاريرسياسي

الكنابي وإعادة إشعال فتيل الفتنة بالوسط … النار تحت الرماد

تقرير: نجلاء عمر

طغت قضية الكنابي التي اثيرت مؤخرا على فرحة الانتصارات والحسم العسكري لمليشيا الدعم السريع بعد استعادة مدينة ود مدني ففى الوقت الذى يحتفل فيه المواطنين بكل الولايات السودان بالنصر اندلعت أزمة قضية الكنابي من جديد كانما اريد بها إحباط فرحة المواطنين وتحويلها من قضية علاقة انتاج وتعايش سلمي فى ظل تسامح انسان الوسط لتصبح القضية جمرا من تحت الرماد

الكيل بمكيالين

تسارعت ردود الفعل الدولية بإدانة الانتهاكات التي وقعت على العمال الزراعيين بكنابي الجزيرة دون الإلتفات لان اهل الجزيرة ظلوا يعاملون العمال الزراعيين بالكنابي افضل تعامل ويتعايشون معهم دون نزاعات إلى ان تم رد الجميل بكل سؤ عبر التعاون والمقاتلة في صفوف مليشيا الدعم السريع التي مارست على المواطنين جرائم التهجير القسري والإبادة الجماعية والنهب في ظل الصمت المخزي للمجتمع الدولي والمنظمات بعيدا عن وصف ما حدث بجرائم الحرب او الجرائم ضد الإنسانية

وكانت الأمم المتحدة قد دعت إلى فتح تحقيق شامل ومستقل في الانتهاكات التي وقعت كنابي الجزيرة وطالبت بمحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم وأعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه العميق إزاء التقارير التي تتحدث عن انتهاكات حقوق الإنسان التي قام بها العمال الزراعيين بالكنابي ضد اهل الجزيرة، ودعا إلى وقف فوري للعنف وحماية المدنيين.

في ذات السياق ادانت الولايات المتحدة وبريطانيا وعدد من حكومات الدول الانتهاكات التي وقعت بالكنابي وطالبت الحكومة السودانية باتخاذ إجراءات فورية لوقف العنف وحماية المدنيين وتقديم المسؤولين عن هذه الجرائم إلى العدالة

تراكمات قديمة

وقال الخبير الإستراتيجي د. عبدالرحمن عيسى إسحاق ان قضايا ومشاكل الكنابي عديدة وهي ليست وليدة اللحظة وإنما تراكمات ظلت فوق بعضها لأعوام وتضاعفت بسبب عدم اهتمام الحكومات الوطنية المتعاقبة على إدارة البلاد منذ فجر الإستقلال.

وأبان ان مسمى كمبو مأخوذ من الكلمة الإنجليزية (camp) وهي بمعني مخيم أو كوخ، عليه فإنها عبارة عن سكنات مؤقتة نشأت فكرتها خلال فترة الاحتلال البريطاني للبلاد، وبالتحديد مع قيام مشروع الجزيرة وبداية انطلاقته حيث كانت الكنابي تنشأ ومازالت في مواقع محددة بحيث لا تتعارض مع مساحات الأرض الزراعية وتلك المواقع هي ما تسمى (البراقين، الشوابير، وأحياناً جنبات الترع الضخمة)

وأضاف أن انتشار الكنابي الحالي لم يكن في السابق إذ أنها بلغت وفق آخر مسح لها في العام 2010 بواسطة بعثة الأمم المتحدة حوالي (2614) كمبو مختلفة والمساحات والكثافة السكانية..

من الشائع أن الكنابي تم انشأها لتضم بداخلها فقط الوافدين إلى الجزيرة وسط من مختلف اتجاهات البلاد وتحديداً مناطق غرب السودان، ولكن هذه المعلومة غير مؤكدة إذا ما قورنت بالواقع التقليدي في البلاد

وأشار إسحاق لأن الكنابي لازمت تأسيس المشروع واستوعبت العمال لشق الترع والقنوات والمشاركة في زراعة القطن ولقيطه ليرحل إلى المملكة المتحدة بغية رفد المشاغل البريطانية،، وبما أن مساحة المشروع الأولية كانت أقل ومن ثم حدثت التوسعة التي استمرت حتى فترات الحكومات الوطنية، فمن الطبيعي أن تكون المخيمات العمالية (الكنابي) مواقع سكنية استوعبت بداخلها عدد من سكان الجزيرة الذين يقيمون في اتجاهات بعيدة عن مناطق العمل، وهو من المؤكد في ظل وسائل التنقل التقليدية وقتذاك، إضافة إلى أن الكنابي كانت تجد إهتماماً نوعياً من قبل الإدارة البريطانية، والذي انتكس في فترة الحكومات الوطنية.

كما أن من حوافز الهجرة العكسية من الكنابي للعديد من العمال المجاورين للمشروع في الجزيرة هو تمدد وزيادة الأراضي الزراعية مما قرب المسافات للكثيرين.

وقال ان سكان الكنابي الموجودين آنيا معظمهم جاؤوا من مناطق غرب السودان، لدواعي وأسباب كثيرة، فمنهم من كان قدومه بسبب الذهاب إلى الأراضي المقدسة وانقطع به السبيل في الجزيرة فكان استقراره بها، ومنهم من كان مجيئه إلى الجزيرة مناصرين للثورة المهدية، وهناك من كان قدومه إلى الجزيرة بسبب حالات الحرب، وحالات المجاعة التي ضربت مناطق دارفور غربي السودان إلا أن السواد الأعظم كان سبب قدومه إلى الجزيرة للعمل في مشروع الجزيرة..

الصراع السياسي

ونفى الخبير وجود صراعات بين سكان الجزيرة المستقرين والوافد إليها سابقاً، لكنه عاد ليقول “هذا لا يعني بأنه لاتوجد مشاكل أو صراعات بين الحين والآخر” مشيرا لأن كل الصراعات التي بدأت في الظهور بشكل واضح مؤخراً كان ورأها كيد سياسي أو مكاسب حزبية.

القضايا المطلببة

وقال ان مشاكل أهالي الكنابي ليست سواء قضايا مطلبية لا تخرج من حقوق المواطنة القائمة على نيل الحقوق وتقديم الواجبات، حيث أن اسهامات إنسان الكنابي منذ أكثر من ثمانية عقود واضحة رأي العيان ولا يمكن انكارها، فهم ظلوا يساهمون في الإنتاج الكلي لمشروع الجزيرة بنسبة قد تصل إلى (92٪) وهي نسبة كبيرة ساهمت في الدخل القومي بشكل كبير،، إلا أنه وفي المقابل كان هناك إهمال واضح لمتطلبات إنسان الكنابي والتي تتعلق بالسكن المستقر وتوفير الخدمات الأساسية من مياه صالحه للشرب، كهرباء، صحة، وتعليم،، وهي بلا شك متطلبات في مواجهة أجهزة الدولة الإدارية والتنفيذية،، وهو الأمر الذي يؤكد بأن لا صراع حقيقي بين سكان القرى والكنابي وإنما مطالب في مواجهة أجهزة الدولة المذكورة سابقاً…

كما أشرت سابقاً بأن الصراعات التي تحدث في الغالب بين أهالي الجزيرة من سكان القرى والكنابي هي صراعات مفتعلة تقوم بها بعض الواجهات السياسية مستقلة حالة البساطة والجهل بغية مكاسب حزبية، ويمكن ان نتطرق إلى القليل منين النماذج..
فمثلاً هدوء الأحوال بين الطرفين يظل قائم، ومن ثم يتصاعد بشكل مفاجئ تزامناً مع بعض البرامج السياسية التي تتم على مستوى المركز، كحال اتفاقيات السلام العديدة التي تم توقيعها بين حكومات المركز وبعض الحركات التحررية التي تتبنى قضايا الهامش، كالحركة الشعبية في اتفاقها مع حكومة الخرطوم في العام 2005-2006.. حيث بدأت وتيرة العداء واضحة بسبب التحريض السياسي من بعض الواجهات الحزبية وقتذاك بذرائع وهمية منها أن أهالي الكنابي سيعملون على الاستقواء بالحركة الشعبية، وهي ستعمل بدورها على سلب أهالي القرى أراضيهم وتوزيعها على أهالي الكنابي،، وقد كانت مثل هذه الفتنة محفز كافي لاشعال فتيل الأزمة بين مكونات الجزيرة.
كذلك كان الحال في ابوجا، الدوحة، ختاماً باتفاق سلام جوبا الذي ولد أجسام مسلحة موازية هذه المرة تحت حجج حماية أهل الجزيرة، والشواهد على مانقول ما يحدث الآن في بعض قرى وكنابي الجزيرة، فهو ردة فعل طبيعي لما سبق من ترتيبات سياسية ألقت وستلقي بظلالها السلبية على تماسك اللحمة الوطنية بين مكونات الجزيرة السكانية، وربما اذا استمر الأمر بنفس الوتيرة ستضاعف الازمات لتصل إلى مصاف الحرب الأهلية وهذا ما لا نتمناه..

ضعف دور المنظمات

وإستطرد قائلا ان دور المنظمات الإنسانية العالمية تحديداً داخل السودان ظل ضعيفا مما يؤدي للإحساس بأنه ضعف متعمد بغية حصاد المذيد من الأرواح، وخراب ما تبقى من الوطن، والأدلة على ذلك كثيرة ومن أبرزها، قضايا أهل دارفور أنفسهم، حيث ظلت المنظمات الإنسانية العالمية والمحلية أيضاً في حالة حراك سلحفائي تجاه القضايا المصيرية التي تحدث وحدثت في إقليم دارفور غربي السودان، وهاهي مدينة الفاشر تقف شاهدا حيث أنها ظلت ومواطنيها في حالة حصار منذ قرابة العام دون حراك إيجابي من المنظمات الدولية يوازي المرحلة..
ومن قبل الفاشر كان العالم اجمع يشاهد المجازر المروعة التي حدثت في مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور وكذلك حالات التهجير القسري لاهاليها، وقد كان دور المنظمات ومازالت صفر كبير، حيث اكتفت فقط بالادانة والشجب…

قضية الكنابي وصراعاتها المفتعلة أيضاً لا أعتقد أنها وليدة اللحظة فهي كذلك على طاولة العديد من المنظمات الإنسانية والحقوقية العالمية، ولكن في الغالب ما يسود الصمت أو الاكتفاء بالشجب والادانات الحنجورية والمكتوبة حتى بلغ الأمر في الجزيرة هذا المبلغ الإنساني الخطير للغاية..

عليه وللخروج من هذا النفق المظلم، لابد من العمل بجدية للضغط على المنظمات الإنسانية العالمية والمحلية لتبرز دور واضح في إنقاذ ما تبقى من الموقف المأزوم،، بالإضافة إلى ضرورة توفر الارادة الوطنية من قبل إنسان السودان نفسه والعمل بجد واجتهاد من أجل تفويت الفرص على المتربصين بأمن واستقرار البلاد داخلياً وخارجياً

*الكنابى قنبله موقوته*

ووصف الصحفي الراحل الاستاذه حسن رزق فى وقت سابق في تحقيقا صحيفا قضية
كنابي مشروع الجزيرة .. بالقنبلة الموقوتة !!

واشار إلى انها
قضية رأي عام تتعلق بحقوق انسان لا يمكن تجاهلها مشيرا إلى انها وجدت إهتمام الكثيرين لما تمثله من إشكالية شغلت الرأي العام بعد أن تكشفت الكثير من جوانبها اللا إنسانية وبعض المسكوت عنه بمنطق هذا العصر فهي تشكل قضية حقوق انسان برزت الي السطح بعد الإنهيار الذي حدث للزراعة وللمشاريع الزراعية وعلى وجه الخصوص مشروع الجزيرة . من منطلق النظرة الاقتصادية الاجتماعية وان (فئة) العمال الزراعيين الذين خلقوا فائض القيمة في الانتاج الزراعي (ينتجون الذهب ونصيبهم التراب) رغم ان هذه (الطبقة ) لها القدح المعلى في الانتاج إلا أنهم لم يجدوا الاهتمام الكافي لا من الحكومة ولا حتي من الكتاب و الباحثين واجهزة الاعلام المختلفة غير محاولات متفرقة هنا و هنالك

واورد حسن وراق فى تحقيق سابق ان ظهور سكان الكنابي في وسط السودانه بالأخص ولاية الجزيرة قديم كقدم المشروع أو قبل قيام مشروع الجزيرة .الهجرة الاولي بدأت في عهد الثورة المهدية فبعد فتح الخرطوم عام 1885 تدفقت مجموعات كبيرة من أبناء دارفور وكردفان مناصرة للثورة المهدية فسكن البعض منهم في الخرطوم والبعض الآخر انتشروا في المناطق المجاورة للعاصمة بعد أن ضاقت أمدرمان . بعد سقوط الدولة المهدية انسحب الكثير من ابناء دارفور وكردفان بعد أن قطع عليهم الجيش الانجليزي طريق العودة إلى الغرب فكانت هذه أول دفعة تسكن ولاية الجزيرة حتى قبل قيام مشروع الجزيرة وتحديدا عام 1911 في طيبة الشيخ عبدالباقي اول تجربة لقيام مشروع الجزيرة بالطلمبات .

وأضاف ان الدفعة الثانية من سكان الكنابي دخلت الجزيرة مع بداية قيام مشروع الجزيرة سنة 1924 الى 1936 أغلبهم امتلكوا حواشات إلا أنهم رغم ذلك يعانون من التهميش والإقصاء ونقص في الخدمات إلى يومنا هذا . المجموعة الثالثة دخلت الجزيرة عام 1984 بسبب الجفاف والتصحر الذي ضرب غرب السودان آنذاك وتعتبر هذه المجموعة من أكثر مجموعات الكنابي تهميشا وأكثرهم معاناة في كل المجالات الخدمية ، يقتلهم الفقر والجهل والمرض
التحوالات الديموغرافية لسكان الكنابي في الجزيرة
تعداد سكان ولاية الجزيرة حسب احصائية أجريت في سنة 2008 كان 3.585.270 نسمة اما اليوم يقدر التعداد السكاني لولاية الجزيرة وفق نظرية الاسقاطات السكانية بعض انفصال الجنوب يقدر بحوالي 5 مليون .أما تعداد سكان الكنابي وفق إحصائيات قامت بها مجموعة من ناشطين سياسيين وحقوقيين من قيادات مؤتمر الكنابي وبعض المنظمات الدولية الحقوقية يؤكدون بأن تعداد سكان الكنابي في الجزيرة بلغ عددها 2.373.524 نسمة يسكنون في كنابي عددها 2095 كمبو منتشرة على امتداد محليات الولاية بينما يبلغ عدد قرى الجزيرة حوالى 1572 قرية هذه الصورة تؤكد مدى الانفجار السكاني الضخم في هذه الكنابي الامر الذي يتطلب اهتمام مبكر قبل ان يحدث ما لم يكن متوقعا .

تحريض الكنابي بهدف خلق فتنه

من جانبه قال الخبير القانوني د. احمد المفتى
ان تحريض الكنابي يهدف الى خلق فتنة تعوض الخسارات العسكرية التي تكبدها الدعم السريع مؤخرا . وهي تضر بكل المواطنين مشيرا لأن العقوبات التي تم الإعلان عن فرضها على البرهان فان سببها هو ان امريكا لا تسعد بانتصار اي طرف في الحرب .
وبسبب انتصارات الجيش الاخيرة ارادت امريكا من العقوبات .
تحجيم نجاحاته
والتشويش بالعقوبات .

ودعا الامين العام لمؤتمر الكنابي إلى سيادة حكم القانون وعدم اخذ القانون باليد في مواجهة كل من ارتكب فضائع في حق سكان الكنابي او حق اي فرد من افراد الشعب السوداني.

تضخيم لقضية الكنابي من غرف الدعم السريع

وقال القيادى بالكتلة الديمقراطيه محمد زكريا ان قضية الكنابي وما اثير حولها من احداث بالجزيرة تم تضخيمها عبر الغرف الاعلامية للدعم السريع ومحاولة إلقاء الاتهامات على القوات المسلحة باعتبارها ارتكبت هذه الانتهاكات وتعمد عدم إنتظار نتائج للتحري وتقصي الحقائق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى