الدعم السريع يدفع «أطباء بلا حدود» للانسحاب من مستشفى حيوي
ود مدني: سودان فيوتشر
انسحبت الطواقم الطبية التابعة لمنظمة «أطباء بلا حدود» من مستشفى ود مدني الواقع بعاصمة ولاية الجزيرة (وسط السودان) الذي يخدم مئات الآلاف من المرضى في الولاية التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع»، في حين خرج 15 من المستشفيات العامة والخاصة في البلاد من الخدمة كلياً.
وأعلنت المنظمة الطبية في بيان (الخميس)، تعليق العمل بالمستشفى وسحب جميع موظفيه. وقالت: «كان هذا المستشفى الوحيد الذي يقدم الخدمة العلاجية لمئات الآلاف من الأشخاص الذين هم في أمسّ الحاجة إلى المساعدة الطبية في عاصمة الولاية».
وأضافت أن فرقها الطبية بالمستشفى «واجهت خلال الأشهر الثلاثة الماضية حوادث أمنية متكررة، ويشمل ذلك النهب وسرقة المركبات».
وطالبت «أطباء بلا حدود» الأطراف المتحاربة في السودان بالتوقف عن انتهاك المرافق الصحية وضمان سلامة الكوادر الطبية.
ويغطي «مستشفى ود مدني» الذي يعد الأكبر، الخدمات العلاجية في كامل الولاية، حيث كان يقصده آلاف المرضى يومياً، لتلقي العمليات الجراحية وغسيل الكلى.
ووفق أحدث تقرير لـ«نقابة أطباء السودان» عن الوضع الصحي في الجزيرة، الأحد الماضي، فإنه «تمت سرقة أجهزة التنفس الاصطناعي من قسم العناية المكثفة وأجهزة عملية قسم العظام، وتم ترحيل جزء منها بواسطة (الدعم السريع) إلى العاصمة الخرطوم».
وقالت النقابة «إن هناك شحاً في الإمداد الدوائي في أدوية الأمراض المزمنة خصوصاً فرط ضغط الدم ودواء السكري».
وأشار التقرير إلى أن «المخزون الدوائي نُهب من المستشفيات والصيدليات الحكومية والخاصة والصندوق القومي للإمدادات الطبية».
واتهمت النقابة السلطات العسكرية بمنع وصول الإمدادات الطبية من مدينة بورتسودان (شرق البلاد) إلى مدينة ود مدني عاصمة الولاية، كما أنها تتعرض للنهب داخل الولاية من «قوات الدعم السريع».
وأدت هذه التداعيات إلى تأثر كبير في عمل المستشفى الذي يعمل بدعم مباشر من منظمة «أطباء بلا حدود»، وعلى وجه الخصوص أقسام الجهاز الهضمي والجراحة بعد قصف عشوائي من طيران الجيش السوداني.
وأثَّر عدم استقرار التيار الكهربائي في عمل المستشفيات وكذلك انقطاع المياه، مما زاد من معاناة المرضى.
وأُعيد تشغيل المستشفيات العامة في محافظات ولاية الجزيرة بعد أشهر من سيطرة «الدعم السريع» على الولاية، بمساهمة من منظمة «أطباء بلا حدود»، لكنَّ المستشفيات ظلت تعاني نقصاً كبيراً في الأدوية والإمدادات الطبية والكهرباء.
وتوقعت مصادر طبية تحدثت إلى «الشرق الأوسط» تفاقم الأوضاع الصحية بالولاية، إذ كانت «أطباء بلا حدود» تساعد على «تغطية الحد الأدنى من الخدمات بالولاية».
وأضافت أن «مئات الآلاف من المواطنين العالقين في بلدات وقرى الجزيرة يواجهون صعوبات في الوصول إلى المرافق الطبية العامة في المدن الكبيرة لتلقي العلاج، مما يضطر بعضهم للسفر إلى الولايات خارج (حزام الحرب) في ولايات شرق البلاد».
وقال طبيب طلب عدم ذكر اسمه ويعمل في مستشفى وسطي بولاية الجزيرة، إن «العدد المحدود من المستشفيات العاملة في الجزيرة لا تتوفر فيها أبسط الإمكانات الطبية لاستقبال وعلاج الحالات المتزايدة في الإصابة بالذخيرة الحية جراء الاحتكاكات التي تحدث بين الأهالي و(الدعم السريع)».
وأشار إلى «حدوث كثير من الوفيات وسط المصابين بسبب نقص تقديم العلاجات الطارئة». موضحاً أن «وصول الأدوية إلى المرافق الصحية بما في ذلك المراكز الطبية الصغيرة في البلدات يشكل التحدي الأكبر في تقديم العلاج للمرضى».
وحذرت المصادر الطبية من «تردي الوضع الصحي أكثر خلال الأشهر المقبلة، مع دخول موسم الخريف الذي تتفشى فيه الأمراض المستوطنة، وعلى وجه الخصوص مرض (الملاريا) مع بدء الموسم الزراعي»